[١٨] مسألة ١٨ : الأحوط عدم تقليد المفضول حتى (*) في المسألة الّتي توافق فتواه فتوى الأفضل (١).
______________________________________________________
وأما الأشدية في المراتب العلمية بأن يقال : إن من انكشف له حكم المسألة انكشافاً جزمياً فهو مقدّم على من انكشف له حكمها انكشافاً ظنيا مثلاً ، أو إن من انكشف له حكمها من أدلتها ظنا يتقدم على من لم يحصل له الظن بحكمها من أدلتها أو الأقوائية بحسب المبنى ، كما إذا كان أحد المجتهدين قوياً في مبانيه العلمية بحيث لا يشك فيها بتشكيك المشككين ، ولا يرفع اليد عنها بالمناقشة في أدلتها بخلاف الآخر ، فلا يمكن حمل الأعلم على شيء منهما ، وذلك لأنهما غير راجعين إلى الأعرفية في التطبيق. على أن الاجتهاد إنما يدور مدار قيام الحجة على الحكم وعدمه سواء انكشف بها الحكم الشرعي جزمياً أو ظنيا أم لم ينكشف ، وسواء أمكن التشكيك في مباني المجتهد أم لم يمكن ، فلا توقف للاجتهاد على شدة الانكشاف وضعفه ، ولا على قوة المباني وعدمها فلاحظ.
(١) ذكرنا في المسألة الثانية عشرة أن الأعلم إنما يجب تقليده فيما إذا علمت المخالفة بينه وبين غير الأعلم في الفتوى ، وأما مع العلم بالموافقة بينهما أو احتمالها فلا يجب تقليد الأعلم بوجه ، لأن الحجية إنما ثبتت لطبيعي فتوى العالم أو الفقيه على نحو صرف الوجود ، فإذا عمل المقلّد بفتياهما فقد عمل على طبق الحجة أعني فتوى الفقيه ، ولم يقم دليل على وجوب تعيين المجتهد المقلّد وتمييزه حينئذٍ وهو نظير ما إذا ورد روايتان ودلتا على وجوب شيء معيّن وأفتى المجتهد بوجوبه استناداً إلى الجامع بين الروايتين ، فإنه حينئذٍ قد عمل على طبق الحجة الشرعية ، ولا يجب عليه أن يعيّن ما عمل به منهما ، فما يظهر من الماتن من لزوم تعيين المجتهد المقلّد في مفروض الكلام مما لا مستند له ، وتوضيح ذلك :
أن المجتهدين المتعددين إذا اتفقوا في الاجتهاد لم يقم أي دليل على أن العامّي يجب أن يستند إلى فتاواهم في مقام العمل ، تساووا في الفضيلة أم اختلفوا وقد تكلمنا على
__________________
(*) لا بأس بتركه في هذا الفرض.