[٢٣] مسألة ٢٣ : العدالة عبارة عن ملكة (*) إتيان الواجبات وترك المحرّمات (١).
______________________________________________________
المكلف في مفروض الكلام إذا شخّص الأعلم من الأموات وجب أن يقلّده ، ولا يجب عليه الاحتياط.
وإذا لم يشخّص أعلمهم كما إذا احتملنا الأعلمية في كل واحد من الأموات أو أحرزنا تساوي الجميع في الفضيلة سقطت فتاواهم عن الاعتبار ، لأنها متعارضة في نفسها وقد مرّ غير مرة أن أدلة الاعتبار غير شاملة للمتعارضين ، ومعه يجب على المكلف الاحتياط والإتيان بكل ما يحتمل وجوبه وترك ما يحتمل حرمته.
وإذا فرضنا أن العامّي غير متمكن من ذلك ولو لاستلزامه العسر والحرج فيتنزل إلى مرتبة اخرى من الاحتياط وهو الاحتياط في كل ما له أهمية عند الشارع وهو مورد لاهتمامه ، كما في النفوس والأعراض والأموال الخطيرة ، مثلاً إذا احتمل حرمة امرأة معينة في حقه من جهة الشبهة الحكمية كما إذا شك في أن الحرمة تنتشر بعشر رضعات أو أن الناشر خمسة عشر رضعة احتاط بترك تزويجها. وأما في غير ما علمنا باهتمام الشارع به أو علمنا باهتمامه إلاّ أن المكلف لم يتمكن فيه من الاحتياط لأنه عسر في حقه ، فلا مناص من أن يخرج عن عهدة التكاليف المتنجّزة عليه بالعلم الإجمالي بوجه آخر ، للعلم بعدم كونه مهملاً في الشريعة المقدسة بحيث له أن يفعل ما أراده ويترك ما أراده ، وبما أنه لا يتمكن من الاحتياط الكلي في المسألة ولا من التبعيض فيه ، تخيّر في الرجوع إلى أحد العلماء الأموات تخييراً عملياً ، كما هو الحال فيما إذا لم يحرز أعلمية أحد العلماء الإحياء أو أحرز تساويهم في الفضيلة ، فإن المكلف يحتاط إن أمكنه وإلاّ يتخيّر بينهم عملاً على ما قدّمنا تفصيله في محلّه (١). وعلى الجملة لا فرق وقتئذٍ بين الأحياء والأموات من تلك الجهة.
تعريف العدالة
(١) وقع الكلام في أن العدالة المعتبرة في جملة من الموارد كالتقليد والشهادة
__________________
(*) بل عبارة عن الاستقامة في جادة الشرع وعدم الانحراف عنها يميناً وشمالاً.
(١) راجع ص ١٧١.