جواز الامتثال الإجمالي في العبادات عند التمكن من امتثالها تفصيلاً اجتهاداً أو تقليداً وحيث إنها عبادة يعتبر فيها قصد القربة ولا يتمشى ذلك مع احتمال الحرمة فلا يسوغ للمكلف الاحتياط في مثلها ، اللهُمَّ إلاّ أن يبنى على جوازه بالاجتهاد أو يقلّد من يفتي بجوازه في تلك المقامات. فالاحتياط لا يكون طريقاً إلى القطع بالفراغ في جميع الموارد.
وبما سردناه ظهر أن طريق الخروج عن عهدة الأحكام الواقعية المنجّزة على المكلفين وإن كان منحصراً بالاجتهاد والتقليد والاحتياط ، إلاّ أن الأخير ليس في عرض الأوّلين بحسب المرتبة بل في طولهما. نعم ، يصح عدّه في عرضهما من حيث العمل ، لأن العمل إما أن يكون بالاجتهاد أو التقليد أو الاحتياط ، كما ظهر أن التقليد أيضاً كذلك لأنه في طول الاجتهاد بحسب المرتبة لا في عرضه. فالاجتهاد هو الأصل الوحيد وهو التصدي لتحصيل القطع بالحجة على العمل ، لأن به يقطع بعدم العقاب على مخالفة الواقع.
مباحث الاجتهاد
ويقع الكلام فيه من جهات :
الاجتهاد مأخوذ من الجُهد بالضم وهو لغة : الطاقة ، أو أنه من الجَهد بالفتح ومعناه : المشقة ويأتي بمعنى الطاقة أيضاً ، وعليه فالاجتهاد بمعنى بذل الوسع والطاقة سواء أخذناه من الجَهد بالفتح أو الجُهد بالضم وذلك لأن بذل الطاقة لا يخلو عن مشقة وهما أمران متلازمان ، هذا بحسب اللغة.
وأمّا في الاصطلاح فقد عرّفوه : باستفراغ الوسع لتحصيل الظن بالحكم الشرعي وتعريف الاجتهاد بذلك وإن وقع في كلمات أصحابنا ( قدّس الله أسرارهم ) إلاّ أن الأصل في ذلك هم العامة ، حيث عرّفوه بذلك لذهابهم إلى اعتبار الظن في الأحكام الشرعية ، ومن هنا أخذوه في تعريف الاجتهاد ووافقهم عليه أصحابنا مع عدم ملائمته لما هو المقرّر عندهم من عدم الاعتبار بالظن في شيء ، وأن العبرة إنما هي بما جعلت