الإلۤهية فيكون الإمام عليهالسلام من وسائط النعم فتجب معرفته كمعرفة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهذا هو الوجه الصحيح . . . .
ـ نهاية الأفكار ج ٢ ص ١٨٨
أما المقام الأول ، فلا ينبغي الإشكال في وجوب تحصيل معرفة الواجب تعالى ومعرفة ما يرجع إليه من صفات الجمال والجلال ، ككونه واحداً قادراً عالماً مريداً حياً غنياً لم يكن له نظير ولا شبيه ، ولم يكن بجسم ولا مرئي ولا له حيز ونحو ذلك . . كما لا إشكال أيضاً في كون الوجوب المزبور نفسياً ، لأن المعرفة بالمبدأ سبحانه هي الغاية القصوى والغرض الأصلي من خلق العباد وبعث الرسل كما ينبئ عنه قوله سبحانه : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ، حيث أن حقيقة العبودية هي المعرفة ولا ينافي ذلك مقدميتها لواجب آخر عقلي أو شرعي كالتدين والإنقياد ونحوه . ثم إن عمدة الدليل على وجوب المعرفة إنما هو حكم العقل الفطري واستقلاله بوجوب تحصيل المعرفة بالمبدأ تعالى على كل مكلف بمناط شكر المنعم باعتبار كونها من مراتب أداء شكره فيجب بحكم العقل تحصيل المعرفة به سبحانه ، وبما يرجع إليه من صفات الجمال والجلال ، بل ويجب أيضاً معرفة أنبيائه ورسله وحججه الذين هم وسائط نعمه وفيضه .
وإلا فمع الإغماض عن هذا الحكم العقلي الفطري لا تجدي الأدلة السمعية كتاباً وسنة من نحو قوله سبحانه : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ، لعدم تمامية مثل هذه الإستدلالات للجاهل بهما لا إلزاماً ولا إقناعاً ، لأن دليليتهما فرع الإعتقاد بهما وبكلامهما ، وحينئذ فالعمدة في الدليل على الوجوب هو حكم العقل الفطري .
نعم بعد تحصيل المعرفة بالمبدأ ووسائط نعمه بحكم العقل ، لا بأس بالاستدلال بالكتاب والسنة لإثبات وجوب المعرفة لما عداهما في فرض تمامية إطلاق تلك الأدلة من حيث متعلق المعرفة ، وإلا فبناء على عدم إطلاقها من هذه الجهة فلا مجال للتمسك بها أيضاً .