الذكر ودلهم على سبيل الهدى من بعده بمناهج ودواع أسس للعباد أساسها ومنائر رفع لهم أعلامها ، لكيلا يضلوا من بعده ، وكان بهم رؤوفا رحيما.
فلما انقضت مدته ، واستكملت أيامه ، توفاه الله وقبضه إليه ، وهو عند الله مرضي عمله ، وافر حظه ، عظيم خطره ، فمضى صلى الله عليه وآله وسلم وخلف في أمته كتاب الله ووصيه أمير المؤمنين ، وإمام المتقين صلوات الله عليه ، صاحبين مؤتلفين ، يشهد كل واحد منهما لصاحبه بالتصديق ، ينطق الإمام عن الله في الكتاب ، بما أوجب الله فيه
________________________________________________________
قوله : أساسها ، الضمير راجع إلى المناهج والدواعي ، والمراد بسبيل الهدى منهج الشرع القويم ، وبالمناهج والدواعي أوصياؤه عليهم السلام ، وبالتأسيس نصب الأدلة على خلافتهم ، ويحتمل أن يراد بالمناهج الأئمة ، وبالدواعي الأدلة على حجيتهم ، ويحتمل وجوها أخرى لا تخفى ، والمناير جمع المنارة ، وهي ما يرفع لتوقد النار عليه لهداية الضال عن الطريق ، واستعير هنا للأوصياء عليهم السلام لاهتداء الخلق بهم ، ورفع الاعلام لنصب الأدلة ، إذ رفع الاعلام التي يوضع عليها ما يستنار به يصير سببا لكثرة الاهتداء به في الطرق الظاهرة ، فكذا نصب الأدلة وتوضيحها يصير سببا لكثرة الاهتداء بهم عليهم السلام.
قوله : وكان بهم رؤوفا رحيما ، الرأفة أشد الرحمة ، وهذا رد على المخالفين بأنه كيف يدعهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بلاها وأمير وداع ، مع شدة رأفته ورحمته بهم في أمور دنياهم وآخرتهم ، وقوله : فلما انقضت ، تفصيل وبيان لقوله دلهم ، والخطر : القدر والمنزلة.
قوله : بالتصديق ، أي بسببه أو متلبسا به ، والحاصل : انه يشهد كل منهما بحقيقة الآخر ، ويبين كل منهما ما هو المقصود من الآخر ، وقوله : ينطق ، استيناف لبيان هذه الجملة ، وقوله : بما أوجب متعلق بينطق ، والحاصل : ان الإمام يبين من قبل الله تعالى ما أوجب في الكتاب من طاعته في أوامره ونواهيه ، وطاعة الإمام وقوله : وواجب حقه ، عطف إما على الموصول ، أو على طاعته ، والضمير عائد إليه تعالى ، أو على ولايته والضمير راجع إلى الإمام ، وفي بعض النسخ : وأوجب حقه ، و