وأنزل إليه الكتاب ، فيه البيان والتبيان ، قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون ؛ قد بينه للناس ونهجه ، يعلم قد فصله ، ودين قد أوضحه ، وفرائض قد أوجبها ، وأمور قد كشفها لخلقه وأعلنها ، فيها دلالة إلى النجاة ، ومعالم تدعو إلى هداه.
فبلغ صلى الله عليه وآله وسلم ما أرسل به ، وصدع بما أمر ، وأدى ما حمل من أثقال النبوة ، وصبر لربه ، وجاهد في سبيله ، ونصح لأمته ، ودعاهم إلى النجاة ، وحثهم على
________________________________________________________
الطريق ، والامتحاق : البطلان والإمحاء ، والتبيان مبالغة في البيان ، أي مع الحجة والبرهان ، وقوله : قرآنا ، حال بعد حال عن الكتاب ، أو بدل منه ، أو منصوب على الاختصاص ، والعوج : الاختلال والاختلاف والشك.
قوله : ونهجه ، بالتخفيف أي أوضحه ، وقوله : بعلم ، إما متعلق بقوله : قد بينه ، أو نهجه ، أو بهما على سبيل التنازع ، أو حال عن الكتاب ، والمستتر في قوله : « وفصله » وقراينه إما راجع إلى الله أو الرسول أو الكتاب.
قوله : فيها دلالة ، الضمير راجع إلى الأمور المذكورة ، وقوله : ومعالم ، إما مرفوع بالعطف على دلالة ، أو مجرور بالعطف على النجاة ، والمعالم جمع معلم وهو ما جعل علامة للطريق والحدود ، والمراد بها هنا مواضع العلوم ، وما يستنبط منه الأحكام وعلى الجر يحتمل النبي والأئمة عليهم السلام ، والضمير في « هداه » راجع إلى الله أو الرسول أو الكتاب ، وقيل : الهاء زايدة كما في « كتابيه » (١) ولا يخفى بعده ، وربما يقرء هداة بالتاء.
قوله : وصدع ، أي أظهره ، وتكلم به جهارا أو فرث به بين الحق والباطل ، وفسر بكلا الوجهين قوله تعالى « فاصدع بما تؤمر » (٢) والأثقال جمع ثقل بالكسر ، ضد الخفة ، أو ثقل بالتحريك وهو متاع البيت والمسافر على الاستعارة.
قوله : على الذكر ، أي القرآن أو كل ما يصير سببا لذكره تعالى.
____________________
(١) سورة الحاقة : ١٩.
(٢) سورة الحجر : ٩٤.