بالإلهية بعدما أضدوه ، أحمده حمدا يشفي النفوس ، ويبلغ رضاه ، ويؤدي شكر ما وصل إلينا من سوابغ النعماء ، وجزيل الآلاء وجميل البلاء.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إلها واحدا أحدا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وآله عبد انتجبه ، ورسوله ابتعثه ، على حين فترة من الرسل ، وطول هجعة من الأمم ، وانبساط من الجهل ، واعتراض من الفتنة وانتقاض من المبرم وعمى عن الحق ، واعتساف من الجور وامتحاق من الدين.
________________________________________________________
قوله : أضدوه ، أي جعلوا له أضدادا.
قوله : يشفى النفوس ، أي من أمراض الكفر والجهل والأخلاق الذميمة وكأنه على سبيل الاستدعاء والرجاء ، أي أرجو من فضله تعالى أن يكون حمدي كاملا مؤثرا تلك التأثيرات وأطلب منه تعالى ذلك أو هي إنشاء لغاية الشكر وإظهار لنهاية التذلل ، والجزيل : الكثير العظيم ، والآلاء بالمد : النعم ، واحدتها الألا ، بالفتح ، والبلاء : الاختبار بالخير والشر ، وهنا الأول أنسب.
قوله : فترة ، الفترة الضعف والانكسار ، وما بين الرسولين من رسل الله ، والهجعة بالفتح : طائفة من الليل ، والهجوع : النوع ليلا ، كذا في النهاية ، وقال الجوهري : أتيت بعد هجعة من الليل ، أي بعد نومة خفيفة ، واستعيرت هنا لغفلة الأمم عما يصلحهم في الدارين.
قوله : واعتراض من الفتنة ، أي انبساط منها ، ويحتمل أن يكون مأخوذا من قوله اعترض الفرس : إذا مشى في عرض الطريق ، من غير استقامة ، تشبيها للفتنة بهذا الفرس واستعارة لفظ الاعتراض لها. والمبرم : المحكم.
قوله : وعمى عن الحق ، في بعض النسخ : من الحق ، فليست كلمة « من » على سياق ما مر ، إذ كانت فيها ابتدائية ، وهنا صلة بمعنى عن ، إلا أن يكون من قولهم عمى عليه الأمر إذا التبس ، ومنه قوله تعالى : « فميت عليهم الأنباء » (١) وفي قوله : وامتحاق من الدين ، يحتمل الابتدائية والتبعيضية ، والاعتساف : الأخذ على غير
____________________
(١) سورة القصص : ٦٦.