كلما مضى منهم إمام ، نصب لخلقه من عقبه إماما بينا ، وهاديا نيرا ، وإماما قيما ، يهدون بالحق وبه يعدلون ، حجج الله ودعته ، ورعاته على خلقه ، يدين بهديهم العباد ، ويستهل بنورهم البلاد ، جعلهم الله حياة للأنام ، ومصابيح للظلام ومفاتيح للكلام ، ودعائم للإسلام ، وجعل نظام طاعته وتمام فرضه التسليم لهم فيما علم ، والرد إليهم فيما جهل ، وحظر على غيرهم التهجم على القول بما يجهلون و
________________________________________________________
المستتر في « نصب » راجع إلى الله تعالى أو إلى الإمام ، والأخير بعيد.
قوله : من عقبه : أي بعده أو من ذريته تغليبا ، ومنهم من قرأ [ من عقبه ] بالفتح اسم موصول أي من عقب الله الماضي ، ولا يخفى بعده.
قوله : قيما ، أي قائما بأمر الأمة ، وقيل : مستقيما ، وقوله : يهدون حال عن الأئمة ، أو خبر مبتدأ محذوف ، وقوله : بالحق متعلق بيهدون ، أي بكلمة الحق أو الباء بمعنى إلى ، أو ظرف مستقر أي محقين ، و « به » أي بالحق يعدلون بين الناس في الحكم ، وقوله : حجج الله ، خبر مبتدأ محذوف ، والدعاة والرعاة جمع الداعي والراعي ، من رعى الأمير رعيته رعاية إذا حفظهم ، أو من رعيت الأغنام ، وقوله : على خلقه ، متعلق بالرعاة ، أو بالثلاثة على التنازع.
قوله : بهديهم ، بضم الهاء أي تعبد العباد بهدايتهم ، أو بفتحها أي بسيرتهم ، وقوله : يستهل أي يستضئ بنورهم أي بعلمهم وهدايتهم البلاد ، أي أهلها.
قوله : حياة للأنام ، أي سببا لحياتهم الظاهرية وبقائهم ، أو سببا لحياتهم ، بالايمان والعلم والكمالات أو الأعم.
قوله : نظام طاعته ، أي ما ينتظم به طاعته ، وتمام فرضه أي ما يتم به فرائضه ، إذ مع عدم ولايتهم والتسليم لهم كل ما أدى من الفرائض تكون ناقصة ، أو فرض ذلك بعد سائر الفرائض ، لقوله تعالى : « اليوم أكملت لكم دينكم » (١) وقوله : فيما علم ، أما على بناء المجهول أي علم صدوره منهم ، أو المعلوم أي علم العبد ، والأول أظهر ، وكذا فيما جهل ،
____________________
(١) سورة المائدة : ٣.