منعهم جحد مالا يعلمون ، لما أراد تبارك وتعالى من استنقاذ من شاء من خلقه ، من ملمات الظلم ومغشيات إليهم ، وصلى الله على محمد وأهل بيته الأخيار الذين أذهب الله عنهم الرجس [ أهل البيت ] وطرهم تطهيرا.
أما بعد ، فقد فهمت يا أخي ما شكوت من اصطلاح أهل دهرنا على الجهالة وتوازرهم وسعيهم في عمارة طرقها ، ومباينتهم العلم وأهله ، حتى كاد العلم معهم أن يأزر كله وينقطع مواده ، لما قد رضوا أن يستندوا إلى الجهل ، ويضيعوا العلم وأهله.
وسألت : هل يسع الناس المقام على الجهالة والتدين بغير علم ، إذا كانوا داخلين في الدين ، مقرين بجميع أموره على جهة الاستحسان ، والنشوء عليه والتقليد
________________________________________________________
وسيأتي تفسير التسليم في بابه ، والتهجم : الدخول في الأمر بغتة من غير روية ، والحظر والمنع تأكيد للفقرتين الأوليين على خلاف الترتيب.
قوله : لما أراد الله ، بالتخفيف تعليل للمذكورات سابقا ، والملمات جمع ملمة وهي النازلة ، والظلم جمع الظلمة ، وهي البدعة والفتنة ، وقوله : مغشيات البهم ، أي مستورات البهم ومغطياتها ، والبهم كصرد جمع بهمة بالضم ، وهو الأمر الذي لا يهتدى لوجهه ، أي الأمور المشكلة التي خفى على الناس ما هو الحق فيها وستر عنهم ، أو غشيت عليهم وأحاطت بهم ، بأن يقرء على بناء المفعول من التفعيل.
قوله : من اصطلاح أهل دهرنا ، أي تصالحهم وتوافقهم ، والتوازر : التعاون.
قوله : أن يأزر ، في بعض النسخ بتقديم المعجمة على المهملة ، وهو جاء بمعنى القوة والضعف ، والمراد هنا الثاني ، والظاهر أنه بتقديم المهملة كما سيأتي إنشاء الله تعالى في باب الغيبة : فيأرز العلم كما يأرز الحية إلى حجرها ، أي ينضم إليها ويجتمع بعضه إلى بعض فيها.
قوله والنشؤ عليه ، بفتح النون على فعل أو بالضم على فعول ، قال الجوهري : نشأت في بنى فلان نشوءا إذا شببت فيهم ، وفي بعض النسخ : « والنشق » بالقاف ، قال