للآباء ، والأسلاف والكبراء ، والاتكال على عقولهم في دقيق الأشياء وجليلها.
فاعلم يا أخي رحمك الله أن الله تبارك وتعالى خلق عباده خلقة منفصلة من البهائم في الفطن والعقول المركبة فيهم ، محتملة للأمر والنهي ، وجعلهم جل ذكره صنفين صنفا منهم أهل الصحة والسلامة ، وصنفا منهم أهل الضرر والزمانة ، فخص أهل الصحة والسلامة بالأمر والنهي ، بعد ما أكمل لهم آلة التكليف ، ووضع التكليف عن أهل الزمانة والضرر ، إذ قد خلقهم خلقة غير محتملة للأدب والتعليم وجعل عز وجل سبب بقائهم أهل الصحة والسلامة ، وجعل بقاء أهل الصحة والسلامة بالأدب والتعليم ، فلو كانت الجهالة جائزة لأهل الصحة والسلامة لجاز وضع التكليف عنهم ،
________________________________________________________
الجوهري : نشق الظبي في الحبالة ، أي علق فيها ، ورجل نشيق إذا كان ممن يدخل في أمور لا يكاد يتخلص منها ، وفي بعضها : والسبق إليه ، والأول أصوب.
قوله : على عقولهم ، الضمير راجع إلى الأسلاف والكبراء ، أو إلى أنفسهم والأول أظهر. قوله : محتملة صفة بعد أخرى لقوله خلقه ، أو حال عن العقول ، ويحتمل أن يكون العقول مبتداء ، ومحتملة خبره.
قوله : صنفا ، بدل أو عطف بيان للمفعول الأول ، وقوله : أهل الصحة مفعول ثان. ويحتمل تقدير الفعل ثانيا ، ثم انه يحتمل أن يكون المراد بالصنف الأول المكلفين مطلقا ، وبالصنف الثاني غير المكلفين أصلا من الصبيان والمجانين ، ويمكن أن يكون المراد بالأول من كان قابلا لتحصيل المعارف والعلوم والكمالات ، وبالثاني : الضعفاء العقول من المكلفين الذين ليس لهم قوة تحصيل العلوم والمعارف والتميز التام بين الحق والباطل ، واستنباط الاحكام من أدلتها ، وهذا أظهر ، وإن كان بعض الفقرات الآتية يؤيد الأول ، فعلى الثاني المراد بالأمر والنهي : الأمر بتحصيل المعارف والأحكام ، والنهي عن الاكتفاء بالتقليد كالعوام ، وكذا المراد بوضع التكليف رفع التكليف بتحصيل العلم ، وإن أمكن حمله في الثاني على رفع التكليف مطلقا ، إذ مع رفع