مائها قد درست أعلام الهدى فظهرت أعلام الردى فالدنيا متهجمة في وجوه أهلها مكفهرة مدبرة غير مقبلة ثمرتها الفتنة وطعامها الجيفة وشعارها الخوف ودثارها السيف مزقتم كل ممزق وقد أعمت عيون أهلها وأظلمت عليها أيامها قد قطعوا أرحامهم وسفكوا دماءهم ودفنوا في التراب الموءودة بينهم من أولادهم يجتاز دونهم طيب العيش ورفاهية خفوض الدنيا لا يرجون من الله ثوابا ولا يخافون والله منه عقابا حيهم أعمى نجس وميتهم في النار مبلس فجاءهم بنسخة ما في الصحف
______________________________________________________
الإملاق أو العار كما قال تعالى ( وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ ، بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ) (١) وقوله عليهالسلام بينهم متعلق بالدفن أو بالوأد بتضمين معنى الشيوع.
قوله عليهالسلام يجتاز دونهم : في أكثر النسخ بالجيم والزاء المعجمة من الاجتياز بمعنى المرور ، والرفاهية : الخصب والسعة في المعاش ، والخفوض جمع الخفض وهو الدعة والراحة أي يمر طيب العيش والرفاهية التي هي خفض الدنيا ، أو في خفوضها متجاوزا عنهم من غير تلبث عندهم ، وفي بعض النسخ بالحاء المهملة والزاء المعجمة من الحيازة أي يجمع ويمسك وراءهم طيب العيش والرفاهية ، وفي بعضها : بالخاء المعجمة والراء المهملة أي كان يختار طيب العيش والرفاهية يجتنبهم ولا يجاورهم ، وقيل : يعني أرادوا بدفن البنات طيب العيش ولا يخفى أن تذكير الضمير لا يلائمه ، وربما يقرأ دونهم بالرفع أي خسيسهم بهذا المعنى ، ولا يخفى ما فيه أيضا.
قوله عليهالسلام أعمى نجس ، بالنون والجيم ، وفي بعض النسخ بالحاء المهملة من النحوسة ، وربما يقرأ بالباء الموحدة والخاء المعجمة المكسورة من البخس بمعنى نقص الحظ وهو تصحيف ، والإبلاس الغم والانكسار والحزن ، والإياس من رحمة الله تعالى.
قوله عليهالسلام : ما في الصحف الأولى : أي التوراة والإنجيل والزبور وغيرهما مما نزل على الأنبياء عليهالسلام وهي المراد بالذي بين يديه وكل أمر تقدم أمرا منتظرا قريبا منه يقال : إنه جاء بين يديه ، وقيل : المراد بالصحف الأولى الألواح السماوية ، ويحتمل أن يكون المراد بالذي بين يديه ما يكون بعده من أحوال المعاد ، والأول
__________________
(١) سورة التكوير : ٨.