ظاهره قبله ، وقد قال العالم عليه السلام : « إن الله عز وجل خلق النبيين على النبوة ، فلا يكونون إلا أنبياء ، وخلق الأوصياء على الوصية ، فلا يكونون إلا أوصياء ، وأعار قوما إيمانا فإن شاء تممه لهم ، وأن شاء سلبهم إياه ، قال : وفيهم جرى قوله : « فمستقر ومستودع » (١).
وذكرت أن أمورا قد أشكلت عليك ، لا تعرف حقائقها لاختلاف الرواية فيها وأنك تعلم أن اختلاف الرواية فيها لاختلاف عللها وأسبابها ، وأنك لا تجد بحضرتك من تذاكره وتفاوضه ممن تثق بعلمه فيها ، وقلت : إنك تحب أن يكون عندك كتاب كان يجمع [ فيه ] من جميع فنون علم الدين ، ما يكتفي به المتعلم ، ويرجع إليه المسترشد ، ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين
________________________________________________________
المتأمل ، وسيأتي تحقيق معنى التوفيق والخذلان على وجه يوافق أصول أهل العدل في كتاب الإيمان والكفر إنشاء الله تعالى.
قوله تعالى « فمستقر » : بفتح القاف وكسرها على اختلاف القراءة جار في النبي والوصي ، فبالفتح اسم مفعول يعني مثبت في الإيمان ، أو اسم مكان يعنى له موضع استقرار وثبات فيه ، وبالكسر اسم فاعل يعنى مستقر ثابت فيه ، « ومستودع » بفتح الدال اسم مفعول أو اسم مكان جار في المعار ، وقال البيضاوي في قوله تعالى : « وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع » أي فلكم استقرار في الأصلاب أو فوق الأرض ، واستيداع في الأرحام أو تحت الأرض ، وقرء ابن كثير والبصريان بكسر القاف ، على أنه فاعل ، والمستودع مفعول أي فمنكم قار ومنكم مستودع.
قوله : بالآثار الصحيحة ، استدل به الأخباريون على جواز العمل بجميع اخبار الكافي وكون كلها صحيحة وإن الصحة عندهم غير الصحة باصطلاح المتأخرين ، وزعموا أن حكمهم بالصحة لا تقصر عن توثيق الشيخ أو النجاشي أو غيرهما رجال السند ، بل ادعى بعضهم أن الصحة عندهم بمعنى التواتر ، والكلام فيها طويل ، و
___________________
(١) سورة الانعام : ٩٨.