« من دخل في الإيمان بعلم ثبت فيه ، ونفعه إيمانه ، ومن دخل فيه بغير علم خرج منه كما دخل فيه » ، وقال عليه السلام : « من أخذ دينه من كتاب الله وسنة نبيه صلوات الله عليه وآله زالت الجبال قبل أن يزول ، ومن أخذ دينه من أفواه الرجال ردته الرجال » ، وقال عليه السلام : « من لم يعرف أمرنا من القرآن لم يتنكب الفتن ».
ولهذه العلة انبثقت على أهل دهرنا بثوق هذه الأديان الفاسدة ، والمذاهب المستشنعة التي قد استوفت شرائط الكفر والشرك كلها ، وذلك بتوفيق الله تعالى وخذلانه ، فمن أرد الله توفيقه وأن يكون إيمانه ثابتا مستقرا ، سبب له الأسباب التي تؤديه إلى أن يأخذ دينه من كتاب الله وسنة نبيه صلوات الله عليه وآله بعلم ويقين وبصيرة ، فذاك أثبت في دينه من الجبال الرواسي ، ومن أراد الله خذلانه وأن يكون دينه معارا مستودعا ـ نعوذ بالله منه ـ سبب له أسباب الاستحسان والتقليد والتأويل من غير علم وبصيرة ، فذاك في المشيئة إن شاء الله تبارك وتعالى أتم إيمانه ، وإن شاء سلبه إياه ، ولا يؤمن عليه أن يصبح مؤمنا ويمسي كافرا ، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا ، لأنه كلما رأي كبيرا من الكبراء ما معه ، وكلما رأي شيئا استحسن
________________________________________________________
قوله : قبل أن يزول ، الضمير المستتر إما راجع إلى الموصول أو إلى الدين.
قوله : لم يتنكب ، قال في القاموس : نكب عنه كنصر وفرح نكبا ونكبا ونكوبا : عدل كنكب وتنكب.
قوله : انبثقت ، يقال : بثق الماء بثوقا : فتحه بأن خرق الشط ، وانبثق هو : إذا جرى بنفسه من غير فجر ، والبثق بالفتح والكسر الاسم ، كذا في المغرب ، والبثوق فاعل ابنثقت ، فان كان المراد بالبثوق الشقوق ، أي المواضع المنخرقة ، فالمراد بالانبثاق التشقق ، ولو حمل على الجريان فالاسناد مجازى ، وكذا لو حمل البثوق على المعنى المصدري لابد من ارتكاب تجوز في الاسناد ، ويحتمل على بعد إرجاع ضمير انبثقت إلى الفتن ، فيكون البثوق مفعولا مطلقا من غير بابه ، وقيل : شبه الأديان الفاسدة بالسيول ، وأثبت لها البثوق ، ففيه استعارة مكنية وتخييلية ، وفيه مالا يخفى على