جميع فرائضه بعلم ويقين وبصيرة ، ليكون المؤدي لها محمودا عند ربه ، مستوجبا لثوابه ، وعظيم جزائه ، لأن الذي يؤدي بغير علم وبصيرة ، لا يدري ما يؤدي ، ولا يدري إلى من يؤدي ، وإذا كان جاهلا لم يكن على ثقة مما أدى ، ولا مصدقا ، لأن الشاك لا يكون له من الرغبة والرهبة والخضوع والتقرب مثل ما يكون من العالم المستيقن ، وقد قال الله عز وجل : « إلا من شهد بالحق وهم يعلمون » (١) فصارت الشهادة مقبولة لعلة العلم بالشهادة ، ولو لا العلم بالشهادة لم تكن الشهادة مقبولة ، والأمر في الشاك المؤدي بغير علم وبصيرة ، إلى الله جل ذكره ، إن شاء تطول عليه فقبل عمله ، وإن شاء رد عليه ، لأن الشرط عليه من الله أن يؤدي المفروض بعلم وبصرة ويقين ، كيلا يكونوا ممن وصفه الله فقال تبارك وتعالى « ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين » (٢) لأنه كان داخلا فيه بغير علم ولا يقين ، فلذلك صار خروجه بغير علم ولا يقين ، وقد قال العالم عليه السلام :
________________________________________________________
قوله : بعلم ويقين ، لقوله تعالى « ولا تقف ما ليس لك به علم » (٣) وأمثاله كثيرة.
قوله : بالشهادة ، أي الأمر المشهود به.
قوله : والأمر في الشاك ، الظاهر أن المراد بالشك هنا مقابل اليقين ، فيشمل الظن المستند إلى التقليد وغيره أيضا.
قوله تعالى : « على حرف » أي على وجه واحد كأن يعبده على السراء لا الضراء ، أو على شك ، أو على غير طمأنينة ، والحاصل أنه لا يدخل في الدين متمكنا مستقرا ، وقال القاضي : أي على طرف من الدين لاثبات له فيه ، كالذي يكون على طرف الجيش ، فان أحس بظفر قر وإلا فر.
قوله : وقد قال العالم ، أي المعصوم ، وتخصيصه بالكاظم عليه السلام غير معلوم.
___________________
(١) سورة الزخرف : ٨٧.
(٢) سورة الحج : ١١.
(٣) سورة الاسراء : ٣٦.