بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب التوحيد
______________________________________________________
كتاب التوحيد
اعلم أن التوحيد يطلق على معان أحدها نفي الشريك في الإلهية أي استحقاق العبادة وهي أقصى غاية التذلل والخضوع ولذلك لا يستعمل إلا في التذلل لله تعالى ، لأنه المولى لأعظم النعم بل جميعها ولو بواسطة ووسائط فهو المستحق لأقصى الخضوع وغايته ، وأكثر الآيات والأخبار تدل على ذلك ، والمخالف في ذلك مشركو العرب وأضرابهم فإنهم بعد علمهم بأن صانع العالم واحد كانوا يشركون الأصنام في عبادته كما قال تعالى ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ ) (١). وثانيها : نفي الشريك في صانعية العالم كما قال تعالى ( رَبِّ الْعالَمِينَ ) وقال تعالى : ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ) (٢) وأمثالها وخالف في ذلك الثنوية وأضرابهم ، وثالثها : ما يشمل المعنيين المتقدمين وتنزيهه عما لا يليق بذاته وصفاته تعالى ، من النقص والعجز والجهل والتركب والاحتياج والمكان وغير ذلك من الصفات السلبية وتوصيفه بالصفات الثبوتية الكمالية ، ورابعها : ما يشمل تلك المعاني وتنزيهه سبحانه عما يوجب النقص في أفعاله أيضا من الظلم وترك اللطف وغيرهما ، وبالجملة كل ما يتعلق به سبحانه ذاتا وصفاتا وأفعالا إثباتا ونفيا ، والظاهر أن المراد هنا هذا المعنى.
__________________
(١) ـ سورة لقمان : ٢٥.
(٢) ـ سورة الإسراء : ١١١.