السماء وأخبرني عن ابنك عبد إله السماء أم عبد إله الأرض قل ما شئت تخصم قال هشام بن الحكم فقلت للزنديق أما ترد عليه قال فقبح قولي فقال أبو عبد الله
______________________________________________________
أحد إذا خلى نفسه عن الأغراض الفاسدة والوساوس الشيطانية عرف أن له من يفزع إليه ويتكل عليه في الشدائد والمضايق ويرجو منه النجاة في المحن والمصائب ، وذلك إلهه وعلته الأولى ، وموجده وصانع السماوات والأرضين وما فيهن ، إلا أنه لضعف علمه لا يعلمه إلا بآنيته على سبيل الإجمال ، ولا يعرف ما له من صفات الكمال ، كما نبه الله سبحانه عباده بذلك حيث قال ( إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً ) (١) ونبه الصادق عليهالسلام زنديقا ثم شرع عليهالسلام في إزالة إنكار الخصم وإخراجه منه إلى الشك لتستعد نفسه لقبول الحق فأزال إنكاره بأنه غير عالم بما في تحت الأرض ، وليس له سبيل إلى الجزم بأن ليس تحتها شيء ثم زاده بيانا بأن السماء التي لم يصعدها كيف تكون له المعرفة بما فيها وما ليس فيها ، وكذا المشرق والمغرب ، فلما عرف قبح إنكاره وتنزل عنه وأقر بالشك بقوله : ولعل ذلك ، أخذ عليهالسلام في هدايته وقال : ليس للشاك دليل ، ولا للجاهل حجة ، فليس لك إلا طلب الدليل فأقام له الدليل والبرهان ، وبين الحق له بأوضح البيان والمراد بملوك السماء الملائكة أو من كان خارجا عن السماء والأرض مدبرا لهما ، والإتيان بصيغة الجمع لأنه ليس المقام مقام إثبات التوحيد بل إثبات الصانع ، أو الغرض رد الاحتمالات المحتملة في بادئ النظر ، ولا يلزم تحقق كلها.
قوله عليهالسلام تخصم : على بناء المفعول أي إن تقل ما شئت تصير مخصوما مغلوبا بقولك وقراءته على بناء الفاعل أي تخصم نفسك لأن في نفسك ليس شيء من الشقين كما قيل بعيد.
قوله فقبح قولي : على بناء المجرد أي كان كلامي حضوره عليهالسلام بغير إذنه قبيحا أو على بناء التفعيل أي عد الزنديق قولي قبيحا ، ويحتمل حينئذ إرجاع ضمير
__________________
(١) سورة الإسراء : ٦٧.