أيها الرجل ليس لمن لا يعلم حجة على من يعلم ولا حجة للجاهل يا أخا أهل مصر تفهم عني فإنا لا نشك في الله أبدا أما ترى الشمس والقمر والليل والنهار يلجان
______________________________________________________
لإثبات الصانع تعالى.
قوله عليهالسلام أما ترى الشمس والقمر؟ : استدل عليهالسلام على إثبات الصانع المجرد المنزه عن مشابهة المصنوعات بوجوه ثلاثة : هذا أو لها ، وهو لبيان إبطال ما زعموه من استناد الحوادث السفلية إلى الدورات الفلكية وعدم احتياجها إلى علة أخرى سوى ذواتها.
قوله عليهالسلام والليل والنهار : الظاهر أن الواو في قوله والليل للعطف ، والولوج والرجوع متعلقان بالشمس والقمر والليل والنهار جميعا ، إما على البدلية أو بأخذ الأولين واحدا والثانيين واحدا ، ويلجان ثاني مفعولي ترى ، أو حال وقد اضطرا مفعول وعلى الأول قد اضطرا حال ، ويحتمل الحالية فيهما بأن يكون الرؤية بمعنى النظر ، ويحتمل أن يكون الواو في قوله : والليل ، للحال فيكون قد اضطرا مفعولا ثانيا والمراد بولوج الشمس والقمر غروبهما أو دخولهما بالحركات الخاصة في بروجهما ، وبولوج الليل والنهار دخول تمام كل منهما في الآخر ، أو دخول بعض من كل منهما في الآخر بحسب الفصول ، وقوله فلا يشتبهان أي لا يشتبه قدرهما بالدخول والخلط بل محفوظ على نسق واحد حتى يعودا مثل ما كانا عليه ، وحاصل الاستدلال أن لهذه الحركات انضباطا واتساقا واختلافا وتركبا ، فالانضباط يدل على عدم كونها إرادية كما هو المشاهد من أحوال ذوي الإرادات من الممكنات ، والاختلاف يدل على عدم كونها طبيعية فإن الطبيعة العادمة للشعور لا تختلف مقتضياتها ، كما نشاهد من حركات العناصر ، كما قالوا إن الطبيعة الواحدة لا تقتضي التوجه إلى جهة والانصراف عنها ، ويمكن أن يقال حاصل الدليل راجع إلى ما يحكم به الوجدان من أن مثل تلك الأفعال المحكمة المتقنة الجارية على قانون الحكمة لا يمكن صدورها عن الدهر والطبائع العادمة للشعور والإرادة ، وهذا أظهر معنى ، وإن كان الأول