حزنك وحبك بعد بغضك وبغضك بعد حبك وعزمك بعد أناتك وأناتك بعد عزمك وشهوتك بعد كراهتك وكراهتك بعد شهوتك ورغبتك بعد رهبتك ورهبتك بعد رغبتك ورجاءك بعد يأسك ويأسك بعد رجائك وخاطرك بما لم يكن في وهمك وعزوب ما أنت معتقده عن ذهنك وما زال يعدد علي قدرته التي هي في نفسي التي لا أدفعها حتى
______________________________________________________
قوله عليهالسلام بعد أناتك : الأناة على وزن القناة اسم من تأنى في الأمر إذا ترفق وتنظر ، واتأد فيه ، وأصل الهمزة الواو من الونى وهو الضعف والفتور ، وضبطه بعض المحققين بالباء الموحدة التحتانية والهمزة بعد الألف ، والإباء : الامتناع والاستنكاف كما في توحيد الصدوق ، وربما يقرأ بالنون والهمزة بمعنى الفتور والتأخر والإبطاء.
قوله عليهالسلام وخاطرك : الخاطر من الخطور وهو حصول الشيء مشعورا به في الذهن ، والخاطر في الأصل المشعور به الحاصل في الذهن ، ثم شاع استعماله في المشعر المدرك له من حيث هو شاعر به ، واستعمل هاهنا في الإدراك والشعور ، أو استعمل بمعنى المصدر كما في قمت قائما ، ويكون المعنى خطورك بما لم يكن في وهمك من باب القلب ، كذا قيل ، والعزوب بالعين المهملة والزاي المعجمة : الغيبة والذهاب ، وحاصل استدلاله عليهالسلام أنك لما وجدت في نفسك آثار القدرة التي ليست من مقدوراتك ضرورة علمت أن لها بارئا قادرا ، وكيف يكون غائبا عن الشخص من لا يخلو الشخص ساعة عن آثار كثيرة ، يصل منه إليه ، وقال بعض الأفاضل : وتقرير الاستدلال أنه لما وجدت في نفسك آثار القدرة التي ليست من مقدوراتك ضرورة ، علمت أن لها بارئا قادرا ، أما كونها من آثار القدرة فلكونها حادثة محكمة متقنة غاية الأحكام والإتقان ، فإن حصول الشخص الإنساني بحياته ولوازمها لا بد له من فاعل مباين له ، ويدلك على وحدته تلاؤم ما فيه من الأحوال والأفعال وتغير أحواله بعد إتقانها ، وعدم ثباته على حال واحدة تدل على كون الفاعل لها قادرا مختارا يفعل بحكمته ومشيته ، وهذه الأحوال المتغيرة كثيرة وقد عد عليهالسلام كثيرا منها لا شبهة في