له العالم فإن كنت لم تعلم صفة الصنعة غيرها فاجعل نفسك مصنوعا لما تجد في نفسك مما يحدث من هذه الأمور فقال له عبد الكريم سألتني عن مسألة لم يسألني عنها أحد قبلك ولا يسألني أحد بعدك عن مثلها فقال أبو عبد الله عليهالسلام هبك علمت أنك لم تسأل فيما مضى فما علمك أنك لا تسأل فيما بعد على أنك يا عبد الكريم نقضت قولك ـ لأنك تزعم أن الأشياء من الأول سواء فكيف قدمت وأخرت ثم قال يا عبد الكريم أزيدك وضوحا أرأيت لو كان معك كيس فيه جواهر فقال لك قائل هل في الكيس دينار فنفيت كون الدينار في الكيس فقال لك صف لي الدينار وكنت غير عالم بصفته هل كان لك أن تنفي كون الدينار عن الكيس وأنت لا تعلم قال لا فقال أبو عبد الله عليهالسلام فالعالم أكبر وأطول وأعرض من الكيس فلعل في العالم صنعة
______________________________________________________
فبقي متحيرا فقال عليهالسلام : إذا رجعت إلى نفسك ووجدت في نفسك صفة المخلوقين ، فلم لا تذعن بالصانع؟ فاعترف بالعجز عن الجواب وقال : سألتني عن مسألة لم يسألني عنها أحد قبلك ، ولا يسألني أحد بعدك.
قوله هبك : أي افرض نفسك أنك علمت ما مضى وسلمنا ذلك لك ، قال الفيروزآبادي : هبني فعلت أي احسبني فعلت وأعددني ، كلمة للأمر فقط وحاصل جوابه عليهالسلام أولا : أنك بنيت أمورك كلها على الظن والوهم لأنك تقطع بأنك لا تسأل بعد ذلك عن مثلها ، مع أنه لا سبيل لك إلى القطع به ، وأما قوله عليهالسلام على أنك يا عبد الكريم نقضت قولك ... يحتمل وجوها :
الأول : أن يكون المراد أن نفيك للصانع مبني على أنك تزعم أن لا علية بين الأشياء ونسبة الوجود والعدم إليها على السواء ، والاستدلال على الأشياء الغير المحسوسة إنما يكون بالعلية والمعلولية فكيف حكمت بعدم حصول الشيء في المستقبل؟ فيكون المراد بالتقدم والتأخر العلية والمعلولية أو ما يساوقهما.
الثاني : أن يكون مبنيا على ما لعلهم كانوا قائلين به ، وربما أمكن إلزامهم بذلك بناء على نفي الصانع من أن الأشياء متساوية غير متفاوتة في الكمال والنقص ، فالمراد