______________________________________________________
بالشبح والصورة المشابهة يتضمن التشبيه والتشبيه صفة المخلوق الظاهر التركيب والتأليف ، لأن التشبيه بالمماثلة في الهيئة والصفة ولا يكونان إلا للمخلوق المركب أو المؤلف من الأجزاء ، أو من الذات والصفة ، ويحتمل أن يكون الجهتان جهتي الاستدلال بالمحدودية بالوهم والتمثيل فيه على المخلوقية ، إحداهما جهة النفي ، وثانيهما جهة التشبيه كذا ذكره بعض الأفاضل ، وقيل : لما أدى كلامه عليهالسلام في تنزيهه تعالى عن المثل والشبه إلى أن ذاته تعالى شيء ينعت بأسماء ونعوت ، ألفاظها ومعانيها خارجة عن ذاته إلا أن معانيها مفهومات ذهنية وهمية يعرف بها ذاته تعالى كالمعبود والرحمن والرحيم وغيرها ، رجع السائل معترضا مستشكلا فقال : فإنا لم نجد موهوما ، أي كل ما نتوهم أو نتصوره فهو مخلوق فكيف يوصف ويعرف به خالق الأشياء؟ فأجاب عليهالسلام عن ذلك أولا بوجه النقض بأنه لو لم نتوهم ذاته بهذه المعاني الوهمية ولم نعرفه بمثل هذه المفهومات الذهنية لكان التوحيد عنا مرتفعا ، إذ لا نقدر ولا نستطيع في توحيده وتعريفه هذه المعاني الوهمية (١) وثانيا بوجه الحل وهو أنا وإن لم نعرف ذاته إلا على سبيل التوهم وبوسيلة المعاني المشتركة الكلية ولكنا مع ذلك نرجع ونلتفت إلى تلك المعاني التي كانت عنوانات ومرائي بها ، عرفنا ذاته فنحكم عليها بأن كل موهوم بإحدى القوي والحواس ظاهرية كانت أو باطنية وكل مدرك لنا بأحد المشاعر صورة كانت أو معنى ، فهو محدود متمثل تحده الحواس وتمثله الأفكار ، وكل ما هو كذلك فهو مخلوق مثلنا ، مصنوع بفكرنا ، وخالق الأشياء منزه عنه وعن معرفتنا أيضا التي تحصل لنا هذه الأمور ، فنعرف ذاته بأنا لا نعرف ذاته ، وهذه غاية معرفتنا بذاته ما دمنا في هذا العالم ، إذ ما لا سبب له لا يمكن العلم به إلا بمشاهدة صريح ذاته ، وإما من جهة آثاره وأفعاله ، لكن العلم الذي هو من جهتها لا يعرف بها حقيقة ذاته ، بل تعرف كونه مبدءا لتلك الآثار والأفعال ، أو صانعا أو نحو ذلك من المعاني الإضافية الخارجة ومع ذلك يحصل الجزم بكونه موجودا وكونه على صفة كذا وكذا مما يليق به من
__________________
(١) كذا في النسخ وكأنه سقط شيء.