ومعنى قوله ع اعرفوا الله بالله يعني أن الله خلق الأشخاص والأنوار والجواهر والأعيان فالأعيان الأبدان والجواهر الأرواح وهو جل وعز لا يشبه
______________________________________________________
قوله يعني أن الله خلق الأشخاص : هذا كلام الكليني (ره) وقال الصدوق (ره) في التوحيد بعد نقل هذا الكلام القول الصواب في هذا الباب : هو أن يقال عرفنا الله بالله ، لأنا إن عرفناه بعقولنا فهو عز وجل واهبها ، وإن عرفناه عز وجل بأنبيائه ورسله وحججه عليهمالسلام فهو عز وجل باعثهم ومرسلهم ومتخذهم حججا ، وإن عرفناه بأنفسنا فهو عز وجل محدثنا فبه عرفناه ، وقد قال الصادق عليهالسلام : لو لا الله ما عرفنا ، ولو لا نحن ما عرف الله حق معرفته ولو لا الله ما عرف الحجج ، وقد سمعت بعض أهل الكلام يقولون : لو أن رجلا ولد في فلاة من الأرض ولم ير أحدا يهديه ويرشده حتى كبر وعقل ونظر إلى السماء والأرض لدله ذلك على أن لهما صانعا ومحدثا ، فقلت : إن هذا شيء لم يكن وهو إخبار بما لم يكن أن لو كان كيف كان يكون ، ولو كان ذلك لكان لا يكون ذلك الرجل إلا حجة الله تعالى ذكره على نفسه كما في الأنبياء عليهمالسلام ، منهم من بعث إلى نفسه ومنهم من بعث إلى أهله وولده ، ومنهم م بعث إلى أهل محلته ، ومنهم من بعث إلى أهل بلده ، ومنهم من بعث إلى الناس كافة ، أما استدلال إبراهيم الخليل عليهالسلام بنظره إلى الزهرة ثم إلى القمر ، ثم إلى الشمس ، وقوله ( فَلَمَّا أَفَلَتْ ( قالَ ) يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ) (١) فإنه عليهالسلام كان نبيا ملهما مبعوثا مرسلا ، وكان جميع قوله إلى آخره بإلهام الله عز وجل إياه ، وذلك قوله تعالى : ( وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ ) (٢) وليس كل أحد كإبراهيم عليهالسلام ولو استغنى في معرفة التوحيد بالنظر عن تعليم الله عز وجل وتعريفه لما أنزل الله تعالى ما أنزل من قوله : ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ ) (٣) ومن قوله ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) إلى آخرها ، ومن قوله ( بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ
__________________
(١) سورة الأنعام : ٨٧.
(٢) سورة الأنعام : ٨٣.
(٣) سورة محمّد : ١٩.