سأل نافع بن الأزرق أبا جعفر عليهالسلام فقال أخبرني عن الله متى كان فقال متى لم يكن حتى أخبرك متى كان سبحان من لم يزل ولا يزال فردا صمدا لم يتخذ ( صاحِبَةً وَلا وَلَداً )
______________________________________________________
قوله : عليهالسلام أخبرني عن الله متى لم يكن؟ الظاهر أن السائل كان غرضه السؤال عن ابتداء وجوده تعالى فنفى عليهالسلام الابتداء بأنه يستلزم سبق العدم وهو أزلي يستحيل العدم عليه ، وقيل : لما كان « متى » سؤالا عن الزمان المخصوص من بين الأزمنة لوجوده ، ولا يصح فيما لا اختصاص لزمان به ، أجابه عليهالسلام بقوله : متى لم يكن حتى أخبرك متى كان ، ونبه به على بطلان الاختصاص الذي أخذ في السؤال ، ثم صرح بسرمديته بقوله : سبحان من لم يزل ولا يزال ، وبعدم مقارنته للمتغيرات واستحالة التغير عليه بدخول شيء فيه واتصافه به ، أو خروج شيء منه حتى يصح الاختصاص بزمان باعتبار من الاعتبارات بقوله فردا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا
وتفصيله أن متى عند الحكماء نسبة المتغيرات إلى مقدار تغيرها والتغير هو الحركة والزمان مقدارها ، فالواقع في الزمان أو لا وبالذات هو نفس الحركة والاستحالة ، سواء كان من مكان إلى مكان ويقال له النقلة ، أو من وضع إلى وضع كدوران الفلك والفلكة ، أو من كم إلى كم يقال له النمو والذيول ، أو من كيف إلى كيف يقال له الاستحالة ، وغير الحركة كالأجسام وما يتبعها إنما يقع في الزمان بتبعية الحركة لا بحسب المهية والذات ، فكل ما لم يكن حركة ولا متحركا ولوجوده علاقة بالمتحرك فليس بواقع في الزمان فلا يصح السؤال عنه بمتى ، ولذا نبه عليهالسلام على فساد السؤال عنه بمتى بقوله : متى لم يكن ، فإن من خاصية المنسوب إلى الزمان أنه ما لم ينقطع نسبته عن بعض أجزاء الزمان لم ينسب إلى بعض آخر ، فالموجود في هذا اليوم غير موجود في الغد ولا في الأمس ، ولكن الباري جل جلاله لا يتصور في حقه تغير وتجدد بوجه من الوجوه ، لا في ذاته ولا في إضافته ونسبته.