صلىاللهعليهوآله حين نظر إلى عظمة ربه كان في هيئة الشاب الموفق ـ وسن أبناء ثلاثين سنة يا محمد عظم ربي عز وجل أن يكون في صفة المخلوقين قال قلت جعلت فداك من كانت رجلاه في خضرة قال ذاك محمد كان إذا نظر إلى ربه بقلبه جعله في نور مثل
______________________________________________________
وسائط بين العارف والرب تعالى كالحجاب ، أو لأنها موانع عن أن يسند إليه تعالى ما لا يليق به ، أو لأنها لما لم تكن موصلة إلى الكنه فكأنها حجب إذ الناظر خلف الحجاب لا تتبين له حقيقة الشيء كما هي ، وقيل : إن المراد بها العقول فإنها حجب نور الأنوار ، ووسائط النفوس الكاملة والنفس إذا استكملت ناسبت نوريتها نورية تلك الأنوار ، فاستحقت الاتصال بها والاستفادة منها ، فالمراد بجعله في نور الحجب جعله في نور العلم والكمال ، مثل نور الحجب حتى يناسب جوهر ذاته جوهر ذاتهم فيستبين لهم ما في ذواتهم ، ولا يخفى فساده على أصولنا بوجوه شتى ، وأما تأويل ألوان الأنوار ، فقد قيل فيه وجوه :
الأول : أنها كناية عن تفاوت مراتب تلك الأنوار بحسب القرب والبعد من نور الأنوار ، فالأبيض هو الأقرب والأخضر هو الأبعد ، فكأنه ممتزج بضرب من الظلمة والأحمر هو المتوسط بينهما ، ثم ما بين كل اثنين ألوان أخرى كألوان الصبح [ والليل ] والشفق المختلفة في الألوان لقربها وبعدها من نور الشمس.
الثاني : أنها كناية عن صفاته المقدسة ، فالأخضر قدرته على إيجاد الممكنات وإفاضة الأرواح التي هي عيون الحياة ومنابع الخضرة ، والأحمر غضبه وقهره على الجميع بالأعدام والتعذيب ، والأبيض رحمته ولطفه على عباده كما قال تعالى : ( وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللهِ ) (١).
الثالث : ما استفدته من الوالد العلامة قدس الله روحه ، وذكر أنه مما أفيض عليه من أنوار الكشف واليقين وبيانه يتوقف على تمهيد مقدمة : وهي أن لكل شيء مثالا في عالم الرؤيا والمكاشفة ، وتظهر تلك الصور والأمثال على النفوس مختلفة
__________________
(١) سورة آل عمران : ١٠٧.