الشجر ظاهرة الماء وإن ملكا من الملائكة مر به فقال يا رب أرني ثواب عبدك هذا فأراه الله تعالى ذلك فاستقله الملك فأوحى الله تعالى إليه أن اصحبه فأتاه الملك في صورة إنسي فقال له من أنت قال أنا رجل عابد بلغني مكانك وعبادتك في هذا المكان فأتيتك لأعبد الله معك فكان معه يومه ذلك فلما أصبح قال له الملك إن مكانك لنزه وما يصلح إلا للعبادة فقال له العابد إن لمكاننا هذا عيبا فقال له وما هو قال ليس لربنا بهيمة فلو كان له حمار رعيناه في هذا الموضع فإن هذا الحشيش يضيع فقال له ذلك الملك وما لربك حمار فقال لو كان له حمار ما كان يضيع مثل هذا الحشيش فأوحى الله إلى الملك إنما أثيبه على قدر عقله.
______________________________________________________
على وجه الأرض ، وفي الخبر إشكال من أن ظاهره كون العابد قائلا بالجسم ، وهو ينافي استحقاقه للثواب مطلقا وظاهر الخبر كونه مع هذه العقيدة الفاسدة مستحقا للثواب لقلة عقله وبلاهته ، فيمكن أن يكون اللام في قوله : لربنا بهيمة للملك لا للانتفاع ، ويكون مراده تمنى أن يكون في هذا المكان بهيمة من بهائم الرب لئلا يضيع الحشيش ، فيكون نقصان عقله باعتبار عدم معرفته بفوائد مصنوعات الله تعالى ، وبأنها غير مقصورة على أكل البهيمة ، لكن يأبى عنه جواب الملك إلا أن يكون لدفع ما يوهم كلامه ، أو يكون استفهاما إنكاريا أي خلق الله تعالى بهائم كثيرة ينتفعون بحشيش الأرض ، وهذه إحدى منافع خلق الحشيش ، وقد ترتبت بقدر المصلحة ، ولا يلزم أن يكون في هذا المكان حمار ، بل يكفي وجودك وانتفاعك ، ويحتمل أن يكون اللام للاختصاص لا على محض المالكية ، بل بأن يكون لهذه البهيمة اختصاص بالرب تعالى كاختصاص بيته به تعالى ، مع عدم حاجته إليه ، ويكون جواب الملك أنه لا فائدة في مثل هذا الخلق حتى يخلق الله تعالى حمارا وينسبه إلى مقدس جنابه تعالى كما في البيت ، فإن فيه حكما كثيرة ، وبالجملة لا بد إما من ارتكاب تكلف تام في الكلام ، أو التزام فساد بعض الأصول