مكانه وهم في ذلك يعلمون أنه لم تبطل حجة الله جل ذكره ولا ميثاقه فعندها فتوقعوا الفرج صباحا ومساء فإن أشد ما يكون غضب الله على أعدائه إذا افتقدوا حجته ولم يظهر لهم وقد علم أن أولياءه لا يرتابون ولو علم أنهم يرتابون ما غيب
______________________________________________________
« وهم » الواو للحال « في ذلك » الزمان « يعلمون أنه لم تبطل حجة الله جل ذكره » بنصب الإمام « ولا ميثاقه » على الخلق بالإقرار بالإمام ، وقيل : إشارة إلى قوله تعالى « أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَ » (١) وإنما كانوا أقرب وأرضى لكون الإيمان عليهم أشد والشبه عليهم أقوى لعدم رؤيتهم الأئمة عليهماالسلام ومعجزاتهم ، وإنما يؤمنون بالنظر في البراهين والتفكر في الآثار والأخبار ، لا سيما مع امتداد غيبة الإمام عليهالسلام وعدم وصول خبره عليهم في الغيبة الكبرى ، وكثرة وساوس شياطين الجن والإنس في ذلك « فعندها » أي عند حصول تلك الحالة « توقعوا » أي انتظروا الفرج وهو التفصي من الهم والغم بظهور الإمام عليهالسلام ، فإنه لما لم يوقت لكم فكل وقت من الأوقات يحتمل ظهوره فلا تيأسوا من رحمة الله ، وادعوا لتعجيل الفرج وانتظروه في جميع الأزمان ، فإنه قد شاع في التعبير عن جميع الأزمان بهذين الوقتين ، ويحتمل أن يكون المراد بالفرج إحدى الحسنيين ، إما لقاء الله أو ظهور الحجة « فإن أشد ما يكون غضب الله » في أكثر نسخ إكمال الدين وغيره « وإن » بالواو وهو أظهر ، وفي أكثر نسخ الكتاب بالفاء ، فيحتمل أن يكون بمعنى الواو أو يكون للتعقيب الذكري ، ولو كان للتعليل فيحتمل وجوها :
الأول : أن يكون التعليل من جهة أن غيبة الإمام للغضب على أعدائه وإذا كانوا مغضوبين فلا جرم يكونون في معرض الانتقام والانتقام منهم إنما يكون بأن يظهر الإمام ويهيئ أسباب غلبته حتى ينتقم منهم.
الثاني : أن يكون الغرض حصر الغضب على الأعداء كما هو ظاهر السياق ، فيكون قوله : على أعدائه خبرا فالمعنى أن شدة الغضب عند اعتقاد الحجة إنما هو
__________________
(١) سورة الأعراف : ١٦٩.