مضى كما مضى رسول الله صلىاللهعليهوآله ولكن الله تبارك وتعالى لم يزل منذ قبض نبيه صلىاللهعليهوآله هلم جرا يمن بهذا الدين على أولاد الأعاجم ويصرفه عن قرابة نبيه صلىاللهعليهوآله هلم
______________________________________________________
ولما لم يكن لهم في ذلك حجة فكان مظنة لأن يكون سبب هذا الإنكار جلالة قدره عليهالسلام واحتياج الناس إليه فلا يذهب الله به في هذا السن فأبطل عليهالسلام ذلك بأن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان أجل قدرا وحاجة الناس إليه أكثر فكان أولى بطول العمر ، وهذا من أحسن الاحتجاج لبيان ضعف دعواهم وحجتهم كذا خطر بالبال.
وقال في المصباح المنير : هلم كلمة بمعنى الدعاء إلى الشيء كما يقال : تعال ، قال الخليل أصله لم من الضم والجمع ، ومنه لم الله شعثه ، وكان المنادي أراد لم نفسك إلينا ، وهاء للتنبيه ، وحذفت الألف لكثرة الاستعمال ، وجعلا اسما واحدا ، وقيل : أصلها هل أم أي أقصد فنقلت حركة الهمزة إلى اللام وأسقطت ، ثم جعلا كلمة واحدة للدعاء وأهل الحجاز ينادون بها بلفظ واحد للمذكر والمؤنث والمفرد والجمع ، وعليه قوله تعالى : « وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا » (١) وفي لغة نجد تلحقها الضمائر وتطابق ، فيقال هلم وهلما وهلموا وهلمن ، لأنهم يجعلونها فعلا فيلحقونها الضمائر ، وقال أبو زيد : استعمالها بلفظ واحد للجميع من لغة عقيل ، وإلحاق الضمائر من لغة بني تميم ، وعليه أكثر العرب ، وتستعمل لازمة نحو هلم إلينا أي أقبل ، ومتعدية نحو هلم شهدائكم ، أي أحضروهم انتهى.
فيحتمل أن يكون جرا مفعولا به ، ومفعولا لأجله فلا تغفل.
« بهذا الدين » أي التشيع « عن قرابة نبيه » كبني العباس وأكثر بني الحسن عليهالسلام ، بل أكثر بني الحسين عليهالسلام أيضا ، وفيه إشعار بأن من لم يقل بإمامة الاثني عشر عليهمالسلام فهو خارج عن الدين ، وفيه دلالة على فضل العجم على العرب في الإيمان ، كما يدل عليه أخبار كثيرة أوردتها في الكتاب الكبير.
روى علي بن إبراهيم في تفسيره عند قوله تعالى : « وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ
__________________
(١) سورة الأحزاب : ١٨.