كلامه في تلك الحال ثم صمت فلم يتكلم حتى مضت له سنتان وكان زكريا الحجة لله عز وجل على الناس بعد صمت عيسى بسنتين ثم مات زكريا فورثه ابنه يحيى الكتاب والحكمة وهو صبي صغير أما تسمع لقوله عز وجل « يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا » (١) فلما بلغ عيسى عليهالسلام سبع سنين تكلم بالنبوة والرسالة حين أوحى الله تعالى إليه فكان عيسى الحجة على يحيى وعلى الناس أجمعين وليس تبقى الأرض يا أبا خالد يوما واحدا بغير حجة لله على الناس منذ يوم خلق الله آدم عليهالسلام وأسكنه الأرض فقلت جعلت فداك أكان علي عليهالسلام حجة من الله ورسوله
______________________________________________________
أي غير وأزال التهمة عنها ، ولعله تصحيف « فلم يتكلم » أي بالنبوة والرسالة ثم تكلم بعد السنتين بالنبوة ، وبعد سبع بها وبالرسالة ، أو لم يتكلم أصلا في محضر الناس ، لورود بعض الأخبار بتكلمه قبل ذلك.
« يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ » قال الطبرسي رحمهالله تقديره : فوهبنا له يحيى وأعطيناه الفهم والعقل وقلنا يا يحيى خذ الكتاب ، يعني التوراة بما قواك الله عليه وأيدك به ، ومعناه وأنت قادر على أخذه قوي على العمل ، وقيل : معناه بجد وصحة عزيمة على القيام بما فيه « وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا » أي آتيناه النبوة في حال صباه ، وهو ابن ثلاث سنين عن ابن عباس ، وقيل : إن الحكم الفهم.
« الحجة على يحيى » لأنه كان من أولي العزم ، وهم حجج على سائر الأنبياء ، والحجج الذين في زمانهم ، وأبو خالد كنية ليزيد الكناسي ، والظاهر أنه القماط الثقة ، فالظاهر أن الخبر صحيح.
« كان علي عليهالسلام حجة » أقول : يدل على أن إمامة علي عليهالسلام كان في حياة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أيضا ، وهو لا ينافي كونه رعية للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كالأنبياء الذين كانوا في زمن أولوا العزم كما أومأنا إليه ، واختلف أصحابنا في ذلك فذهب الأكثر إلى أن الإمامة إنما تثبت لكل منهم عليهمالسلام بعد وفاة من تقدمه ، وذهب بعضهم إلى أن جميعهم
__________________
(١) سورة مريم : ١٢.