٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن موسى بن سعدان ، عن عبد الله بن القاسم ، عن الحسن بن راشد قال سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول إن الله تبارك وتعالى إذا أحب أن يخلق الإمام أمر ملكا فأخذ شربة من ماء تحت العرش فيسقيها أباه فمن ذلك يخلق الإمام فيمكث أربعين يوما وليلة في بطن أمه لا يسمع الصوت ثم يسمع بعد ذلك الكلام فإذا ولد بعث ذلك الملك فيكتب بين عينيه « وَتَمَّتْ كَلِمَةُ
______________________________________________________
الحديث الثاني : ضعيف. « فأخذ شربة من الماء » قيل : لعل الماء إشارة إلى مادة الغذاء الذي يكون منه النطفة ، وإنما نسبه إلى ما تحت العرش لكونه ملكوتيا عذبا طيبا من طيب إلى طيب ، والملك هو الموكل بالغذاء المبلغ له إلى كماله اللائق بحاله ، وإنما لم يسمع الصوت قبل كمال الأربعين ليلة لأنه بعد في مقام النبات لم يلجه حياة الحيوان « ثم يسمع بعد ذلك الكلام » أي الكلام النفساني الإلهامي ، ويحتمل اختصاص الإمام باستماع الكلام الحسي أيضا في بطن أمه قبل بلوغه الأوان الذي يحصل فيه السمع لسائر الناس والكتابة بين العينين كأنها كناية عن ظهور نور العلم والولاية من ناصيته ، بل من جميع جهاته وفي كل حركاته وسكناته يسعى نورهم بين أيديهم وبإيمانهم ، فلا تناقض بين الأخبار وإطلاق الكلمة على أرواح الكمل أمر شائع في عرف الكتب المنزلة والأنبياء عليهمالسلام ، كما ورد في شأن المسيح عليهالسلام ، ومنار النور عبارة عن حدسه وفراسته وتوسمه ، كما قال عز وجل : « إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ » (١) انتهى.
وأقول : إنكار ماء السماء مبني على الاعتقاد بقواعد الفلاسفة ، وأما المنار فسيأتي في بعض الأخبار أنه ملك ، وورد في بعضها أنه روح القدس ، وقيل : كناية عن جعله محلا للإلهامات الربانية والإفاضات السبحانية ، وقال الجوهري : المنارة موضع النور كالمنار ، والمسرجة والمأذنة ، والمنار العلم وما يوضع بين الشيئين من الحدود ومحجة الطريق.
__________________
(١) سورة الحجر : ٧٥.