فتستجيب أرواحهم لقادة العلم ويستلينون من حديثهم ما استوعر على غيرهم
______________________________________________________
(ره) : أي أطلعهم العلم اللدني على حقائق الأشياء ، محسوساتها ومعقولاتها ، وانكشفت لهم حجبها وأستارها ، فعرفوها بعين اليقين على ما هي عليه في نفس الأمر من غير وصمة ريب أو شائبة شك فاطمأنت بها قلوبهم ، واستراحت بها أرواحهم ، وهذه هي الحكمة الحقيقة التي من أوتيها فقد أوتي خيرا كثيرا ، وقيل على نسخة النهج : الكلام على القلب ، أي هجمت بهم عقولهم على حقيقة العلم ، والمباشرة في الأصل الملامسة بالبشرة والروح بالفتح : الراحة ونسيم الريح والمراد به وصولهم إلى اليقين حق الوصول وإدراكهم لذته.
« فتستجيبها أرواحهم » استجابة الأرواح لقادة العلم عبارة عن التسليم لهم في كل صغير وكبير ، والإقرار بفضلهم وقبول كل ما سمعوا منهم « يستلينون » أي يعدون لينا « من حديثهم » من للتبعيض « ما استوعر » مفعول يستلينون وفي القاموس : الوعر ضد السهل ، وقد وعر المكان ككرم ووعد وولع وتوعر صار وعرا وأوعر به الطريق وعر عليه ، واستوعروا طريقهم : رأوه وعرا كأوعره ، انتهى.
فاستوعر هنا بمعنى وعر كاستقر بمعنى قر وما في النهج أظهر أي يسهل عليهم قبول ما صدر عنهم قولا وفعلا ، مما يصعب على غيرهم قبوله من العلوم الغامضة والأسرار الخفية والأعمال الشاقة وإنما خص المترفين كما في النهج والخصال لأنهم كما يشق عليهم الأعمال الصعبة لنشوءهم في الرفاهية كذلك يشق عليهم قبول الغوامض والأسرار لبعدهم عن فهمها لعدم سعيهم في كسب العلوم والكمالات ، قال الشيخ البهائي (ره) : المترف المنعم من الترفه بالضم وهي النعمة ، أي استسهلوا ما استصعبه المتنعمون من رفض الشهوات البدنية وقطع التعلقات الدنيوية وملازمة الصمت والسهر والجوع والمراقبة ، والاحتراز من صرف ساعة من العمر فيما لا يوجب زيادة القرب منه تعالى جل شأنه وأمثال ذلك.