______________________________________________________
من صرفها في وجهها بناء على كونه نائبا من المستحق (١) عليهالسلام ومفوضا إليه ما هو أعظم من ذلك؟ الظاهر ذلك ، وحينئذ فيجب عليه صرف حاصلها في مصالح المسلمين ، ومع عدم التمكن أمرها إلى الجائر ، وأما جواز التصرف فيها كيف اتفق لكل أحد من المسلمين فبعيد جدا ، بل لم أقف على قائل به لأن المسلمين بين قائل بأولوية الجائر وتوقف التصرف على إذنه ، وبين مفوض للأمر إلى الإمام العادل ، فمع غيبته يرجع الأمر إلى نائبه ، فالتصرف بدونهما لا دليل عليه ، انتهى.
ثم المشهور أنه يجوز يبع تلك الأراضي وهبتها ومعاوضتها ووقفها ورهنها وإجارتها وغير ذلك ، تبعا لآثار المتصرف فيها ، وتدل عليه أخبار كثيرة.
الثاني : من أقسام الأرضين : أرض من أسلم عليها أهلها طوعا من غير قتال ، فهي تترك في أيديهم ملكا لهم ، يصح لهم التصرف فيها بالبيع والشراء والوقف وسائر التصرفات إذا عمروها ، ويؤخذ منهم العشر أو نصف العشر على وجه الزكاة إذا بلغ النصاب ، فإن تركوا عمارتها فعن الشيخ وأبي الصلاح أن الإمام يقبلها ممن يعمرها ويعطي صاحبها طسقها وأعطي المتقبل حصته وما يبقى فهو متروك لمصالح المسلمين في بيت مالهم ، وعن ابن حمزة أنهم إذا تركوا عمارتها حتى صارت خرابا كانت حينئذ لجميع المسلمين يقبلها الإمام ممن يقوم بعمارتها بحسب ما يراه من نصف أو ثلث أو ربع ، وعلى متقبلها بعد إخراج مؤنة الأرض وحق القبالة فيما يبقى من خاصة من غلتها إذا بلغ خمس أوسق أو أكثر من ذلك العشر أو نصف العشر.
وعن ابن إدريس أن الأولى ترك ما قاله الشيخ فإنه مخالف للأصول والأدلة العقلية والسمعية ، فإن ملك الإنسان لا يجوز لأحد أخذه ولا التصرف فيه بغير إذنه واختياره ، وقرب في المختلف قول الشيخ نظرا إلى أنه أنفع للمسلمين وأعود عليهم ، فكان سائغا ثم قال : وأي عقل يمنع من الانتفاع بأرض ترك أهلها عمارتها
__________________
(١) وفي نسخة « نائبا للمستحقين ».