أحل لك الطيبات وهو يكره أخذك منها أنت أهون على الله من ذلك أوليس الله يقول « وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ. فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ » أوليس الله يقول « مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ. بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ » إلى قوله « يَخْرُجُ مِنْهُمَا
______________________________________________________
ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ » وقوله : « وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً » وقوله : « الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ » وغير ذلك.
« وهو يكره » الجملة حالية والهون الذل والحقارة والخفة والسهولة ، وهان عليه الشيء أي خف ، وقال ابن أبي الحديد : فإن قيل : ما معنى قوله عليهالسلام أنت أهون على الله من ذلك؟ قلت : لأن في الشاهد قد يحل الواحد منا لصاحبه فعلا مخصوصا محاباة ومراقبة له ، وهو يكره أن يفعله ، والبشر أهون على الله تعالى من أن يحل لهم أمرا مجاملة واستصلاحا للحال معهم وهو يكره منهم فعله ، انتهى.
والمعنى أن كراهية ذلك مختصة بالأمراء وولاة الأمر وأنت أهون على الله من ذلك ، فلا تقس نفسك بهم كما سيأتي والأول أظهر ، والكم بالكسر وعاء الطلع وغطاء النور والجمع أكمة وأكمام ، ذكره الفيروزآبادي.
« مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ » قال البيضاوي : أي أرسلهما من مرجت الدابة إذا أرسلتها ، والمعنى أرسل البحر الملح والبحر العذب يلتقيان يتجاوران ويتماس سطوحهما ، أو بحري فارس والروم يلتقيان في المحيط لأنهما خليجان ينشعبان منه بينهما برزخ حاجز من قدرة الله ، أو من الأرض « لا يَبْغِيانِ » لا يبغي أحدهما الآخر بالممازجة وإبطال الخاصية ، أو لا يتجاوزان حديهما بإغراق ما بينهما « يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ » وقال : اللؤلؤ كبار الدر والمرجان صغاره ، وقيل : المرجان الخرز الأحمر.
قيل : الدر يخرج من المالح لا من العذب فما وجه قوله : يخرج منهما؟ وأجيب