اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ » (١) فبالله لابتذال نعم الله بالفعال أحب إليه من ابتذالها بالمقال وقد قال الله عز وجل و « أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ » (٢) فقال عاصم يا أمير المؤمنين فعلى ما اقتصرت في مطعمك على الجشوبة وفي ملبسك على الخشونة فقال ويحك إن الله عز وجل فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ
______________________________________________________
بأن المراد من مجتمعهما أو من أحدهما وهو الملح ، أي أنه لما اجتمع مع العذب حتى صار كالشيء الواحد كان المخرج من أحدهما كالمخرج منهما.
ووجه الاستدلال بالآية أن الامتنان بهما يدل على جواز الانتفاع منهما والتحلي بهما ، والابتذال ضد الصيانة وابتذال نعمة الله بالفعال بفتح الفاء أن يصرفها فيما ينبغي ، متوسعا من غير ضيق وبالمقال أن يذكر نعم الله على نفسه ويشكره عليها « وقد قال الله » أي إذا أمر الله بالشكر القولي وكان الشكر الفعلي أقوى في إظهار النعمة فيكون وجوبه ولزومه أولى وأحرى ، وما قيل : أن التحديث أعم من أن يكون بلسان الحال وهو بالاستعمال ، أو بلسان المقال ، فبعيد عن السياق ، والجشوبة والخشونة مصدران بمعنى الفاعل للمبالغة ، والمطعم بالفتح ما يطعم والملبس بالفتح ما يلبس ، قال ابن أبي الحديد : طعام جشب أي غليظ وكذلك مجشوب ، وقيل : إنه الذي لا إدام معه.
قوله عليهالسلام : أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس أي يشبهوا ويمثلوا وتبيغ الدم بصاحبه وتبوغ به أي هاج به ، وفي الحديث : عليكم بالحجامة لا تبيغ بأحدكم الدم فيقتله ، وقيل : أصل يتبيغ يبتغي فقلب مثل جذب وجبذ ، أي يجب على الإمام العادل أن يشبه نفسه في لباسه وطعامه بضعفة الناس جمع ضعيف كيلا يهلك الفقراء من الناس ، فإنهم إذا رأوا إمامهم بتلك الهيئة وذلك المطعم كان ادعى لهم إلى سلوان لذات الدنيا والصبر عن شهواتها ، انتهى.
وأقول : هذا وجه جمع بين الأخبار المختلفة في سيرة الأئمة عليهمالسلام وبين
__________________
(١) سورة الرحمن : ١٩ ـ ٢٢.
(٢) سورة الضحى : ١١.