ثكلتك أمك قف مني قريبا أريك علامات الهدى من علامات الضلالة فوقف الرجل قريبا منه فبينما هو كذلك إذ أقبل فارس يركض حتى أتى عليا عليهالسلام فقال يا أمير المؤمنين أبشر بالفتح أقر الله عينك قد والله قتل القوم أجمعون فقال له من دون النهر أو من خلفه قال بل من دونه فقال كذبت والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا يعبرون أبدا حتى يقتلوا فقال الرجل فازددت فيه بصيرة فجاء آخر يركض على فرس له فقال له مثل ذلك فرد عليه أمير المؤمنين عليهالسلام مثل الذي رد على صاحبه
______________________________________________________
عشرة (١).
« مني قريبا » الظرف متعلق بقريبا « أريك » استيناف بياني ، وفي بعض النسخ أرك مجزوما جوابا للأمر « من علامات الضلالة » أي مميزا منها ، والركض : تحريك الرجل حثا للفرس على العدو « أبشر » على بناء الأفعال يقال : بشرته بمولود فأبشر إبشارا أي سر.
وإقرار العين كناية عن إدخال السرور التام ، والقوم عبارة عن الخوارج لعنهم الله « من دون النهر » بتقدير الاستفهام و « من » بمعنى في ودون النهر عبارة عن جانبه الذي يلي أمير المؤمنين عليهالسلام في ذلك اليوم وخلفه عن جانبه الآخر الذي كانت فيه المحاربة بين العسكرين « فلق الحبة » أي شقها للإنبات « وبرء النسمة » أي خلق الحيوان وكثيرا ما كان عليهالسلام يقسم بهما لأنهما من أخص صفاته تعالى.
« فازددت فيه بصيرة » أي فيما كنت توهمت من ضلالته عليهالسلام حيث كذب المخبر الذي ظاهر كلامه الصدق لأنه كان من المسلمين ، ولقرب المسافة بينهما وبعد كذب مثله وقيل : إنما ازداد الرجل بصيرة بتكذيبه عليهالسلام المخبر الأول لما رأي من جرأته
__________________
(١) قاله عليهالسلام لمّا عزم على حرب الخوارج وقيل له : إنّ القوم قد عبروا جسر النهروان. ذكره الشريف الرضيّ (ره) في نهج البلاغة ثمّ قال : يعني بالنطفة ماء النهر وهي أفصح كناية عن الماء وإن كان كثيرا جمّا.