قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين » (١) أي جحدوه بعد أن عرفوه.
وأما الوجه الثالث من الكفر فهو كفر الترك لما أمر الله به وهو من المعاصي قال الله سبحانه : «وإذ أخذنا ميثاقكم لاتسفكون دمائكم ولاتخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون إلى قوله : أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض» (٢) فكانوا كفارا لتركهم ما أمر الله تعالى به ، فنسبهم إلى الايمان باقرارهم بألسنتهم على الظاهر دون الباطن ، فلم ينفعهم ذلك لقوله تعالى : «فما جزاء من يفعل ذلك منهم إلا خزي في الحيوة الدنيا» إلى آخر الاية.
وأما الوجه الرابع من الكفر فهو ماحكاه تعالى عن قول إبراهيم عليهالسلام : «كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده» (٣) فقوله : «كفرنا بكم» : أي تبرأنا منكم ، وقال سبحانه في قصة إبليس وتبريه من أوليائه من الانس إلى يوم القيامة : «إني كفرت بما أشركتمون من قبل» (٤) أي تبرأت منكم وقوله تعالى : «إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحيوة الدنيا» إلى قوله : «ويوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا» (٥) الاية.
وأما الوجه الخامس من الكفر وهو كفر النعم قال الله تعالى عن قول سليمان عليهالسلام : [هذا من فضل ربي ليبلوني أءشكر أم أكفر] (٦) الاية وقوله عزوجل : «لئن شكرتم لازيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد] (٧) وقال تعالى : « فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولاتكفرون» (٨).
____________________
(١) البقرة : ٨٩. (٢) البقرة : ٨٥ ٨٤.
(٣) الممتحنة : ٤. (٤) ابراهيم : ٢٢.
(٥) العنكبوت : ٢٥. (٦) النمل : ٤٠.
(٧) ابراهيم : ٧.
(٨) البقرة : ١٥٢.