فأما ماجاء من ذكر الشرك في كتاب الله تعالى فمن أربعة أوجه قوله تعالى : «لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم وقال المسيح يابني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأويه النار وما للظالمين من أنصار» (١) فهذا شرك القول والوصف.
وأما الوجه الثاني من الشرك فهو شرك الاعمال قال الله تعالى : «وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون» (٢) وقوله سبحانه : «اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله» (٣) ألا إنهم لم يصوموا لهم ولم يصلوا ولكنهم أمروهم ونهوهم فأطاعوهم ، وقد حرموا عليهم حلالا وأحلوا لهم حراما فعبدوهم من حيث لايعلمون ، فهذا شرك الاعمال والطاعات.
وأما الوجه الثالث من الشرك فهو شرك الزنا قال الله تعالى : «وشاركهم في الاموال والاولاد» (٤) فمن أطاع ناطقا فقد عبده ، فان كان الناطق ينطق عن الله تعالى ، فقد عبدالله ، وإن كان ينطق عن غير الله تعالى فقد عبد غير الله.
وأما الوجه الرابع من الشرك فهو شرك الريا قال الله تعالى : «فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولايشرك بعبادة ربه أحدا» (٥) فهؤلاء صاموا وصلوا واستعملوا أنفسهم بأعمال أهل الخير إلا أنهم يريدون به رئاء الناس فأشركوا لما أتوه من الرياء ، فهذه جملة وجوه الشرك في كتاب الله تعالى.
وأما ماذكر من الظلم في كتابه فوجوه شتى فمنها ماحكاه الله تعالى عن قول لقمان لابنه : «يابني لاتشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم» (٦) ومن الظلم مظالم الناس فيما بينهم من معاملات الدنيا وهو شتى قال الله تعالى : « ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون
____________________
(١) المائدة : ٧٢. (٢) يوسف : ١٠٦.
(٣) براءة : ٣١. (٤) أسرى : ٦٤.
(٥) الكهف : ١١٠.
(٦) لقمان : ١٣.