والشك والشبهة (١).
والفسق على أربع شعب : على الجفاء والعمى والغفلة والعتو ، فمن جفا احتقر الحق ، ومقت الفقهاء وأصر على الحنث العظيم ، ومن عمى نسي الذكر واتبع الظن وبارز خالقه ، وألح عليه الشيطان ، وطلب المغفرة بلا توبة ولا استكانة ولا غفلة (٢).
ومن غفل جنى على نفسه وانقلب على ظهره وحسب غيه رشدا وغرته الاماني وأخذته الحسرة والندامة إذا قضي الامر وانكشف عنه الغطاء ، وبدا له مالم يكن يحتسب ، ومن عتا عن أمر الله شك ومن شك تعالى الله عليه فأذله بسلطانه وصغره بجلاله كما اغتر بربه الكريم وفرط في أمره.
والغلو على أربع شعب : على التعمق بالرأي (٣) والتنازع فيه والزيغ والشقاق ، فمن تعمق لم ينب إلى الحق ولم يزدد إلا غرقا في الغمرات ، ولم
____________________
(١) قال الراغب في المفردات ص ٤٣٣ : الكفر ستر الشئ ووصف الليل بالكافر لسترة الاشخاص ، والزراع لستره البذر في الارض ، وليس ذلك باسم لهما وكفر النعمة وكفرانها سترها بترك أداء شكرها ، قال تعالى : «فلا كفران لسعيه» وأعظم الكفر جحود الوحدانية أو الشريعة أو النبوة والكفران في جحود النعمة أكثر استعمالا ، والكفر في الدين أكثر والكفور فيهما جميعا.
وقال ابن ميثم في شرح النهج ٥٣٨ : وأما الكفر : فرسمه أنه جحد الصانع أو انكار أحد رسله عليهمالسلام أو ماعلم مجيئهم به بالضرورة ، وله أصل ، وهو ماذكرناه وكمالات ومتممات هي الرذائل الاربع التي جعلها دعائم له.
(٢) قوله : «ولاغفلة» أي غفلة عن الذنوب وشبهة عرضت له فيها ، ويحتمل أن يكون تصحيف : «نقلة» أي انتقال عن الذنوب وتركها.
(٣) أي التعمق والغور في الامور بالاراء والمقاييس الباطلة يقال تعمق في الامر : اي بالغ في النظر فيه ، والمراد به المبالغة المقضية إلى حد الافراط وبعد ظهور الحق كمن وصل في البئر إلى الماء وقضى الوطر ، ثم غاص في البئر فغرق منه ره.