بيان : قد مر تفسير طوبى (١) وقوله : «بالصبر» إما للسببية أي طوبى لهم بسبب الصبر أو للملابسة فيكون حالا عن المساكين ، ولا يبعد أن يقرء المساكين بالتشديد للمبالغة أي المتمسكين كثيرا بالصبر.
ورؤية ملكوت السماوات والارض للكمل منهم ، وهم الانبياء والاوصياء ومن يقرب منهم من الاولياء ، ويمكن أن يكون لرؤية ملكوت السماوات والارض مراتب يحصل لكل منهم مرتبة يليق بهم ، فمنهم من يتفكر في خلق السماوات والارض ونظام العالم ، فيعلم بذلك قدرته تعالى وحكمته ، وأنه لم يخلقها عبثا بل خلقها لامر عظيم ، وهو عبادة الله سبحانه ومعرفته ، كما قال تعالى : «يتفكرون في خلق السموات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلا» (٢).
ومنهم من يتفكر في أن خالق السماوات والارض لا يكون عاجزا ولا بخيلا فلم يفقرهم ويحوجهم الا لمصلحة عظيمة فيصبر على بلاء الله ويرضى بقضائه
____________________
(١) روى الصدوق في المعاني ص ١١٢ باسناده عن أبي بصير قال : قال الصادق عليهالسلام : طوبى لمن تمسك بامرنا في غيبة قائمنا فلم يزغ قلبه بعد الهداية ، فقلت له جعلت فداك وما طوبى؟ قال : شجرة في الجنة أصلها في دار علي بن أبي طالب عليهالسلام وليس مؤمن إلا وفي داره غصن من أغصانها ، وذلك قول الله عزوجل «طوبى لهم وحسن مآب».
وروى العياشي في تفسيره ج ٢ ص ٢١٣ عن أبي بصير عن أبي جعفر عليهالسلام في حديث : وطوبى شجرة في الجنة أصلها في دار رسول الله فليس من مؤمن الا وفي داره غصن من أغصانها لا ينوي في قلبه شيئا إلا آتاه ذلك الغصن ، ولو أن راكبا مجدا سار في ظلها مائة عام ما خرج منها ولو أن غرابا طار من أصلها ما بلغ أعلاها حتى يبياض هرما.
وقال الشرتوني في الاقرب : الطوبى مصدر بمعنى الطيب أصله طيبي بضم الطاء قلبت الياء واوا لسكونها بعد ضمه وجمع الطيبة ، هو من نوادر الجموع ، وتأنيث الاطيب والغبطة والسعادة والحسنى والخير والخيرة وشجرة في الجنة أو الجنة بالهندية ، ويقال لها طيبي بكسر الطاء أيضا.
(٢) آل عمران : ١٩١.