كما لو حضر جماعة في أثناء صلاته ففرح بحضورهم واعتقد الرياء ، وقصد تحسين الصلاة لاجل نظرهم ، وكان لولا حضورهم لكان يتمها أيضا ، فهذا رياء قد أثر في العمل وانتهض باعثا على الحركات ، فان غلب حتى انمحق معه الاحساس بقصد العبادة والثواب وصار قصد العبادة مغمورا ، فهذا أيضا ينبغي أن يفسد العبادة مهما مضى ركن من أركانها على هذا الوجه ، لانا نكتفي بالنية السابقة عند الاحرام بشرط أن لا يطرء ما يغلبها ويغمرها.
ويحتمل أن يقال لا تفسد العبادة نظرا إلى حالة العقد وإلى بقاء أصل قصد الثواب ، وإن ضعف بهجوم قصد هو أغلب منه ، والاقيس أن هذا القدر إذا لم يظهر أثره في العمل ، بل بقي العمل صادرا عن باعث لدين وإنما انضاف إليه سرور بالاطلاع فلا يفسد العمل لانه لا ينعدم به أصل نيته ، وبقيت تلك النية باعثة على العمل ، وحاملة على الاتمام ، وروي في الكافي ، عن أبي جعفر عليهالسلام ما يدل عليه وأما الاخبار التي وردت في الرياء فهي محمولة على ما اذا لم يرد به إلا الخلق ، وأما ما ورد في الشركة فهو محمول على ما إذا كان قصد الرياء مساويا لقصد الثواب أو أغلب منه ، أما إذا كان ضعيفا بالاضافة إليه فلا يحبط بالكلية ثواب الصدقة وساير الاعمال وينبغي أن يفسد الصلاة ولا يبعد أيضا أن يقال إن الذي اوجب عليه صلاة خالصة لوجه الله ، والخالصة ما لا يشوبه شئ فلا يكون مؤديا للواجب مع هذا الشوب والعلم عند الله فيه ، فهذا حكم الرياء الطاري بعد عقد العبادة إما قبل الفراغ أو بعده.
القسم الثالث الذي يقارن حال العقد بأن يبتدئ في الصلاة على قصد الرياء فان تم عليه حتى يسلم فلا خلاف في أنه يعصي ولا يعتد بصلوته ، وإن ندم عليه في أثناء ذلك واستغفر ورجع قبل التمام ففيما يلزمه ثلاثة أوجه : قالت فرقة : لم تنعقد صلاته مع قصد الرياء فليستأنف.
وقالت فرقة : تلزمه إعادة الافعال كالركوع والسجود ، وتفسد أعماله دون تحريمة الصلاة ، لان التحريم عقد والرياء خاطر في قلبه لا يخرج التحريم عن كونه عقدا.