وقالت فرقة : لا تلزمه إعادة شئ بل يستغفر الله بقلبه ويتم العبادة على الاخلاص والنظر إلى خاتمة العبادة كما لو ابتداها بالاخلاص وختم بالرياء ، لكان يفسد عمله ، وشبهوا ذلك بثوب أبيض لطخ بنجاسة فاذا ازيل العارض عاد إلى الاصل فقالوا : إن الصلاة والركوع والسجود لا يكون إلا لله ولو سجد لغير الله لكان كافرا ولكن قد اقترن به عارض الرياء ثم إن زال بالندم والتوبة وصار إلى حالة لا يبالي بحمد الناس وذمهم فتصح صلاته.
ومذهب الفريقين الاخرين خارج عن قياس الفقه جدا خصوصا من قال يلزمه إعادة الركوع والسجود دون الافتتاح ، لان الركوع والسجود إن لم يصح صارت أفعالا زائدة في الصلاة فتبطل الصلاة ، وكذلك قول من يقول لو ختم بالاخلاص صح نظرا إلى الخاتمة فهو أيضا ضعيف لان الرياء يقدح بالنية ، وأولى الاوقات بمراعات الاحكام النية حالة الافتتاح.
فالذي يستقيم على قياس الفقه هو أن يقال إن كان باعثه مجرد الرياء في ابتداء العقد دون طلب الثواب وامتثال الامر لم ينعقد افتتاحه ، ولم يصح ما بعده وذلك من إذا خلا بنفسه لم يصل ولما رآه الناس يحرم بالصلاة ، وكان بحيث لو كان ثوبه أيضا نجسا كان يصلي لاجل الناس ، فهذه صلاة لا نية فيها إذ النية عبارة عن إجابة باعث الدين ، وههنا لا باعث ولا إجابة.
فأما إذا كان بحيث لولا الناس. أيضا لكان يصلي إلا أنه ظهرت له الرغبة في المحمدة أيضا فاجتمع الباعثان فهذا إما أن يكون في صدقه أو قراءة وما ليس فيه تحريم وتحليل أو في عقد صلاة وحج ، فان كان في صدقة فقد عصى باجابة باعث الرياء وأطاع باجابة باعث الثواب ، «فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره» (١) وله ثواب بقدر قصده الصحيح ، وعقاب بقدر قصده الفاسد ولا يحبط أحدهما الاخر.
وإن كان في صلاة يقبل الفساد بتطرق خلل إلى النية ، فلا يخلو إما أن
____________________
(١) الزلزلة : ٧ ٨.