«فما آتاك الله» قيل : الفاء للتفريع على قوله : «إني رجل منقطع إليكم» فقوله : «ما آتاك الله» المودة ، وقيل : هو الفقر والاول أظهر «مما أخذ منك» أي المال «إلى لئام خلقه» اللئام جمع اللئيم ، وفي المصباح لؤم بضم الهمزة لؤما فهو لئيم يقال ذلك للشحيح والدني النفس والمهين ونحوهم ، لان اللؤم ضد الكرم ويومي الحديث إلى أن الفقر المذموم ما يصير سببا لذلك ، وغيره ممدوح وذمه لان اللئيم لا يقضي حاجة أحد وربما يلومه في رفع الحاجة إليه ، وإذا قضاه لا يخلو من منة ، ويمكن أن يشمل الظالم والفاسق المعلن بفسقه ، وفي كثير من الادعية اللهم لا تجعل لظالم ولا فاسق على يدا ولا منة ، وذلك لان القلب مجبول على حب من أحسن اليه ، وفي حب الظالم معاصي كثيرة كما قال تعالى : «ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار» (١).
٣ ـ كا : عن العدة ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن أسباط ، عمن ذكره عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : الفقر الموت الاحمر ، فقلت لابي عبدالله عليهالسلام : الفقر من الدينار والدرهم؟ فقال : لا ، ولكن من الدين (٢).
بيان : قال في النهاية ، وفيه : تعلمون ما في هذه الامة من الموت الاحمر يعنى القتل لما فيه من حمرة الدم أو لشدته يقال : موت أحمر أي شديد ، ومنه حديث علي عليهالسلام : كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله صلىاللهعليهوآله (٣) أي إذا اشتدت الحرب استقبلنا العدو به وجعلناه لنا وقاية ، وقيل : أراد إذا اضطرمت نار الحرب وتسعرت كما يقال في الشر بين القوم اضطرمت نارهم تشبيها بجمرة النار ، وكثيرا ما يطلقون الحمرة على الشدة.
«ولكن من الدين» نظيره قول أميرالمؤمنين عليهالسلام : الفقر والغنى بعد العرض على الله (٤) والمعنى أنهما يظهران بعد الحساب وهو ما أشار إليه رسول الله صلىاللهعليهوآله
____________________
(١) هود : ١٣.
(٢) الكافي ج ٢ ص ٢٦٦.
(٣) نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٠٦.
(٤) نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٥٠.