١١٨ ـ ابن محبوب ، عن حنان وعلي بن رئاب ، عن زرارة قال قلت له قوله عز وجل : « لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ
______________________________________________________
الحديث الثامن عشر والمائة : صحيح.
قوله تعالى « لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ » قال البيضاوي أي أترصد بهم كما يقعد القطاع للسابلة « صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ » طريق الإسلام ونصبه على الظرف. كقوله :
لدن بهز الكف يعسل متنه |
|
فيه ، كما عسل الطريق الثعلب (١) |
وقيل : تقديره « على صراطك » كقولك ضرب زيد الظهر والبطن « ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ » أي من جميع الجهات الأربع مثل قصده إياهم بالتسويل والإضلال من أي وجه يمكنه بإتيان العدو من الجهات الأربع ، ولذلك لم يقل من فوقهم ومن تحت أرجلهم وقيل : لم يقل من فوقهم ، لأن الرحمة تنزل منه ولم يقل من تحتهم ، لأن الإتيان منه يوحش.
وعن ابن عباس « مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ » من قبل الآخرة ، و « مِنْ خَلْفِهِمْ » من قبل الدنيا « وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ » من جهة حسناتهم وسيئاتهم ، ويحتمل أن يقال : من بين أيديهم من حيث يعلمون ويقدرون على التحرز عنه ، ومن خلفهم من حيث لا يعلمون ولا يقدرون ، وعن أيمانهم وعن شمائلهم من جهة أن يتيسر لهم أن يعلموا ويتحرزوا ، ولكن لم يفعلوا لعدم تيقظهم واحتياطهم ، وإنما عدي الفعل إلى الأولين بحرف الابتداء ، لأنه منهما متوجه إليهم ، وإلى الآخرين بحرف المجاوزة فإن الآتي منهما كالمنحرف عنهم المار على عرضهم ونظيره قولهم
__________________
(١) لا يوجد في المصدر سوى الشطر الثاني من البيت. واللدن : بفتح اللام وسكون الدال ، اللين من كلّ شيء. وعَسَلَ الرمحُ : اشتدّ اهتزازه « القاموس : ج ٤ ص ٢٦٨ و ١٦ » وفي هذا البيت يصف الشاعر رمحه باللين وشدّة الإهزاز.