وتباعدوا من ساحتهم واعلموا أنه من خالف أولياء الله ودان بغير دين الله واستبد بأمره دون أمر ولي الله كان في نار تلتهب تأكل أبدانا قد غابت عنها أرواحها وغلبت عليها شقوتها فهم موتى لا يجدون حر النار ولو كانوا أحياء لوجدوا مضض حر النار واعتبروا « يا أُولِي الْأَبْصارِ » واحمدوا الله على ما هداكم واعلموا أنكم لا تخرجون من قدرة الله إلى غير قدرته « وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ » ثم « إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ » فانتفعوا بالعظة وتأدبوا بآداب الصالحين.
٣ ـ أحمد بن محمد بن أحمد الكوفي وهو العاصمي ، عن عبد الواحد بن الصواف ، عن محمد بن إسماعيل الهمداني ، عن أبي الحسن موسى عليهالسلام قال كان أمير المؤمنين عليهالسلام يوصي أصحابه ويقول أوصيكم بتقوى الله فإنها غبطة الطالب الراجي وثقة الهارب اللاجي
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « واستبد » قال في النهاية (١) : وفي حديث علي عليهالسلام : كنا نرى أن لنا في هذا الأمر حقا فاستبددتم علينا. يقال : استبد بالأمر يستبد به استبدادا إذا تفرد به دون غيره.
قوله عليهالسلام : « في نار تلتهب » الظاهر أن المراد أنهم في الدنيا في نار البعد والحرمان والسخط والخذلان ، لكنهم لما كانوا بمنزلة الأموات لعدم العلم واليقين ، لم يستشعروا ألم هذه النار ، ولم يدركوها كما قال تعالى : « وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ » (٢) وقال : « أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ » (٣) ويحتمل أن يكون المراد بالنار أسباب دخولها تسمية للسبب باسم المسبب ، و « المضض » بالتحريك الألم و « التأدب » تعلم الآداب وقبولها.
الحديث الثالث : مجهول.
قوله عليهالسلام : « فإنها غبطة » قال الفيروزآبادي (٤) : الغبطة بالكسر : حسن الحال والمسرة ، وقد اغتبط ، والحسد كالغبطة ، وقد غبطه كضربه وسمعه ، وتمنى نعمة على أن لا تتحول عن صاحبها انتهى ، والمعنى أن الطالب لثواب الله الراجي لرحمته يغبط ويتمنى ، ويطلب التقوى والهارب عن عذاب الله اللاجئ إلى الله إنما يثق بالتقوى
__________________
(١) النهاية : ج ١ ص ١٠٥.
(٢) سورة العنكبوت : ٥٤.
(٣) سورة النحل : ٢١ والآية « أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ ... ».
(٤) القاموس المحيط : ج ٢ ص ٣٧٥.