واستشعروا التقوى شعارا باطنا واذكروا الله ذكرا خالصا تحيوا به أفضل الحياة وتسلكوا به طريق النجاة انظروا في الدنيا نظر الزاهد المفارق لها فإنها تزيل الثاوي الساكن وتفجع المترف الآمن لا يرجى منها ما تولى فأدبر ولا يدرى ما هو آت منها فينتظر وصل البلاء منها بالرخاء والبقاء منها إلى فناء فسرورها مشوب بالحزن والبقاء فيها إلى الضعف والوهن فهي كروضة اعتم مرعاها وأعجبت من يراها عذب شربها طيب
______________________________________________________
لا بالأماني.
قوله عليهالسلام : « واستشعروا التقوى » الشعار بالكسر وقد يفتح : ما تحت الدثار من اللباس ، وهو ما يلي شعر الجسد واستشعره لبسه ، وهو كناية عن غاية الملابسة والملازمة ، وكونها خالصة لله مخفية عن الخلق لا يشوبها رياء كما أن الشعار يكون غالبا مستورا بالدثار وأشعر عليهالسلام بقوله « شعارا باطنا ».
قوله عليهالسلام : « تحيوا به أفضل الحياة » إذ حياة القلوب والأرواح بذكر الله وفي بعض النسخ بالباء الموحدة فيهما من الحبوة وهي العطية.
قوله عليهالسلام : « فإنها تزيل الثاوي » يقال : ثوى بالمكان إذا أقام فيه.
قوله عليهالسلام : « وتفجع » إلخ. قال الفيروزآبادي (١) : فجعه كمنعه : أوجعه كفجعه أو الفجع أن يوجع الإنسان بشيء يكرم عليه فيعدمه.
وقال أترفته النعمة ، أطغته ، والمترف كمكرم المتروك يصنع ما يشاء لا يمنع والمتنعم لا نمنعه من تنعمه ، والجبار.
قوله عليهالسلام : « لا يرجى منها ما تولى » أي أدبر فقوله : « فأدبر » مبالغة فيه أو أعرض وانقضى زمانه فأدبر ، والحاصل أن ما ذهب منها من العمر والقوة والشباب والغرة وغيرها لا يرجى رجوعها ولا يدري ولا يعلم أي شيء يأتي بعد ذلك فينتظر وروده قوله ( عليهالسلام ) : « وصل » على المجهول قوله ( عليهالسلام ) : « إلى الضعف » أي آئل ومنته إليه.
قوله عليهالسلام : « اعتم مرعاها » اعتم بتشديد الميم ، يقال : اعتم النبت : أي اكتهل [ اكتمل ] وتم طوله وظهر نوره.
__________________
(١) القاموس المحيط : ج ٣ ص ٦١ « ط مصر ».