أما الوجه الاول فبعده بحسب اللفظ ظاهر للفصل بالظرف بين البيان والمبين وأما معنى فلما أومأنا إليه سابقا من أن الحكيم إذا ذكر الصلوات ثم أفرد واحدة منها من بينها بوصف ، لابد أن يكون لهذا الوصف اختصاص ما بتلك الصلاة ، و كونها وسط صلاتين مطلقا مشترك بين جميع الصلوات فيصير بمنزلة أن يقول : حافظوا على جميع الصلوات وعلى الصلاة التي هى صلاة ، أو مشتملة على الركوع والسجود ، وإن أراد أن كونها بالنهار يستفاد من الاية وسلم ذلك ، فذكر الوسطى لغو إذ لايستفاد منه تخصيص بوجه ، وما أفاده من استفادة الفضل من كونها بالنهار فمع أنه لا ينفع في المقام غير مسلم بل الظاهر خلافه لقوله تعالى : ( إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا ) (١).
والوجه الثاني لا أفهم منه معنى محصلا ، ولعله أراد أن يجعل الجميع من قوله وهي أول صلاة إلى آخر الكلام وجها واحدا ، فلو أراد أنه عليهالسلام بين علة أنه لم سماها الله وسطى من بين الصلوات ، فلا ينفع تكلفه ، ولا يدفع شيئا ، ويرد عليه ما أوردنان على الوجه الاول.
وإن أراد أنه عليهالسلام أراد أن يذكر نكتة وعلة لتعيين صلاة الظهر ، لكونها وسطى مع قطع النظر عن دلالة لفظ الاية عليه ، وعن أنه لم سميت وسطى ، فلا ينفع في هذا إلا الجزء الاول ، أعني كونها أول صلاة صلاها صلىاللهعليهوآله فأما كونها وسط صلاتين ، فلا مدخل له في ذلك لانه مشترك بين الصلوات وكونها بالنهار مشترك بينها وبين العصر ، فتدبر. والظرف اللغو الذي أبدى لعله بكونه لغوا أحرى فان توسيط متعلق جملة بين جملة اخرى ومتعلقها مما يصير به الكلام مشوشا متهافتا ، بل مما لا يكاد يصح.
ولا محصل لمعناه أيضا إذ لو كان الغرض أنه ليس الظهر أول الصلوات مطلقا بل أول ما فعله صلىاللهعليهوآله بالنهار ، فلا يخلو إما أن تكون صلاة الفجر من صلاة النهار أم لا فعلى الثاني لامحصل لهذا الكلام ولا طائل تحته ، إذ حينئذ لا يكون
____________________
(١) المزمل : ٦.