أقول : يمكن أن يستدل لذلك بما رواه الكليني رفعه (١) إلى أبي عبدالله عليهالسلام قال : طلبة العلم ثلاثة وساق الحديث إلى أن قال : وصاحب الفقه والعقل ذو كآبة وحزن وسهر ، قد تحنك في برنسه ، وقال الليل في حندسه إلى آخر الخبر ، وفيه أيضا ماترى.
ولنرجع إلى معنى التحنك فالظاهر من كلام بعض المتأخرين هو أن يدير جزء من العمامة تحت حنكه ويغرزه في الطرف الاخر كما يفعله أهل البحرين في زماننا ، ويوهمه كلام بعض اللغويين أيضا ، والذي نفهمه من الاخبار هو إرسال طرف العمامة من تحت الحنك وإسداله كمامر في تحنيك الميت ، وكما هو المضبوط عن سادات بني الحسين عليهالسلام أخذوه عن أجدادهم خلفا عن سلف ، ولم يذكر في تعمم الرسول والائمة عليهمالسلام إلا هذا.
ولنذكر بعض عبارات اللغويين وبعض الاخبار ليتضح لك الامر في ذلك قال الجواهري : التحنك التلحي وهو أن تدير العمامة من تحت الحنك ، وقال : الاقتعاط شد العمامة على الرأس من غير إدارة تحت الحنك ، وفي الحديث إنه نهى عن الاقتعاط وأمر بالتلحي ، وقال : التلحى تطويق العمامة تحت الحنك ، ثم ذكر الخبر ، وقال الفيروز آبادي : اقتعط تعمم ولم يدر تحت الحنك ، وقال : العمة الطابقية هي الافتعاط ، وقال تحنك أدار العمامة تحت حنكه ، وقال الجزرى : فيه إنه نهى عن الاقتعاط ، هو أن يعتم بالعمامة ولايجعل منها شيئا تحت ذقنه ، و قال : فيه إنه نهى عن الاقتعاط وأمر بالتلحى ، هو جعل بعض العمامة تحت الحنك والاقتعاط أن لايجعل تحت حنكه منها شيئا وقال الزمخشري في الاساس : اقتعط العمامة إذا لم يجعلها تحت حنكه ثم ذكر الحديث ، وقال الخليل في العين يقال : اقتعط بالعمامة إذا اعتم بها ولم يدرها تحت الحنك.
وأما الاخبار فقد روى الكليني في الصحيح عن الرضا عليهالسلام في قول الله عزوجل ( مسومين ) (٢) قال : العمائم اعتم رسول الله صلىاللهعليهوآله فسد لها من بين يديه
____________________
(١) الكافى ج ١ ص ٤٩.
(٢) آل عمران : ١٢٥ ، ولفظ الاية : ( ولقد نصر كم الله ببدر وأنتم أذلة ـ إلى