لكنها السلطة ترفع بضبع من تشاء فيهُتَف باسمه ، وتُبعَد من تشاء عن الأضواء حتّى يكاد أن يُنسى علمُه. قال سليمان بن يسار : ( ما كان عمر وعثمان يقدّمان على زيد أحداً في الفرائض والفتوى والقراءة والقضاء ) (١).
فصار زيد الذي أسلم عند هجرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة وله من العمر إحدى عشرة سنة مقدّماً على أمثال ابن مسعود وأبيّ بن كعب ، بل وحتّى على الإمام عليّ عليه السلام وابن عباس! وصار كاتب الوحي (٢) ، وهو الذي يدعى لجمع القرآن (٣) ، وهو الذي يتولى تقسيم المواريث (٤) ، وهو الذي يتولى القضاء (٥) ، وهو الذي يخلّفه عمر إذا خرج في بعض أسفاره ، ويقول القاسم بن محمّد : ( كان عمر يستخلف زيداً في كلّ سفر ) (٦) ، وإذا رجع أقطعه حديقة من نخله (٧) ، وهو الذي تولى بيت المال في أيام عثمان (٨) ، وبإختصار كان فيما يقول قبيصة بن ذؤيب عن زيد : ( وهو مترئس بالمدينة في القضاء والفتوى والقراءة والفرائض في
____________________
(١) سير أعلام النبلاء ٤ / ٧٨ دار الفكر.
(٢) أسد الغابة ١ / ٥٠.
(٣) مسند أحمد ٥ / ١٨٨ ( دار صادر ).
(٤) المجموع للنووي ١٦ / ٦٨ ( عن زيد : ولاني أبو بكر مواريث قتلى اليمامة فكنت أورّث الاحياء من الموتى ولا أورث الموتى من الموتى ).
(٥) طبقات ابن سعد في ترجمته قال نافع استعمل عمر بن الخطاب زيد بن ثابت على القضاء وفرض له رزقاً. وسير أعلام النبلاء ٤ / ٧٩.
(٦) مختصر تاريخ دمشق ٩ / ١١٨ ـ ١١٩ ، نقلاً عن هامش سير أعلام النبلاء ٤ / ٧٨ ط دار الفكر.
(٧) سير أعلام النبلاء ٤ / ٧٨.
(٨) تاريخ البخاري الكبير ٨ / ٣٧٣.