طاعته ، ألم تر إلى قوله تعالى : ( وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ ) (١) يعني دؤبهما في طاعته ، فكيف يعذّب أهل طاعته ، فكيف يعذّب عبدين أثنى عليهما أنّهما دائبان في طاعته ، قاتل الله هذا الحبر وقبّح حديثه ما أجرأه على الله وأعظم فريته على هذين العبدين المطيعين لله تعالى.
ثمّ استرجع مراراً ، ثمّ أخذ عوداً من الأرض فجعل ينكت به في الأرض ، وظل كذلك ما شاء الله ، ثمّ إنّه رفع رأسه ورمى العود وقال : إلاّ أحدّثكم بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول في الشمس والقمر وبدء خلقهما ومصير أمرهما؟ قلنا : بلى يرحمك الله تعالى. فقال ... وذكر الحديث بطوله إلى أن قال عكرمة في آخره :
فقمت مع النفر الذين حدثوا عن كعب ما حدثوا به من أمر الشمس والقمر حتّى أتيناه فأخبرناه بغضب ابن عباس وما وجدوه من حديثه ، وبما حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيهما ممّا بين مبدئهما إلى معادهما.
فقال كعب الأحبار : إنّي حدثت عن كتاب دارس منسوخ قد تداولته الأيدي ، وابن عباس حدّث عن كتاب حديث العهد بالرحمن جلّ جلاله ناسخ الكتب وعن سيد الأنبياء والمرسلين خير البشر ، ثمّ قال : فمشى إلى ابن عباس فقال : بلغني ما كان من وجدك من حديثي ، وما حدثت به ... إلاّ وإني أستغفر الله من ذلك ... وأنا أحبّ أن تحدثني بما حدثت به
____________________
(١) إبراهيم / ٣٣.