الحسن يسأله : من أوّل من جمع الناس في هذا المسجد يوم عرفة؟ فقال : أوّل من جمع ابن عباس ، قال : وكان مثجّة (١) أحسب في الحديث يثير العلم ، قال : وكان يصعد المنبر فيقرأ سورة البقرة فيفسّرها آية آية ) (٢). ورواه ابن سعد ثانية بسند آخر عن الحسن البصري.
ولا غرابة لو فسّر البقرة آية آية وهو الذي روى عنه ابن أبي مليكة ، قال : ( سمعت ابن عباس يقول : سلوني عن سورة البقرة وعن سورة النساء فإنّي قرأت القرآن وأنا صغير ) (٣).
وكان له في البصرة عدّة تلاميذ يُحمل عنهم الحديث أفذاذ ، مثل جابر بن زيد أبو الشعثاء الذي قال في حقه : ( لو نزل أهل البصرة عند قول جابر بن يزيد لأوسعهم عمّا في كتاب الله علماً ) (٤).
ومثل حيّان بن عمير القيسي ، وأبي مدينة السدوسي ، وموسى بن سلمة الهذلي ، والحكم بن الاعرج ، وأبو يزيد المدني ، ويوسف بن مهران ، وغيرهم كثير ، ومن أعيانهم أبو الجوزاء الربعي ، قال : ( جاورت ابن عباس في داره اثنتي عشرة سنة ما في القرآن آية إلاّ وقد سألته عنها ) (٥). وأحسبه
____________________
(١) في النهاية لابن الأثير ( ثج ) ومنه قول الحسن عن ابن عباس ( انه كان مثجا ) أي كان يصب الكلام صبا ، شبّه فصاحته وغزارة منطقه بالماء المثجوج ، والمثج ـ بالكسر ـ من ابنية المبالغة.
(٢) الطبقات لابن سعد ٦ / ٣٣٣ الطبعة الخامسة ط مصر تح الدكتور علي محمّد عمر.
(٣) طبقات ابن سعد ٦ / ٣٣٣ ط مصر تح عمر ، سير أعلام النبلاء ٤ / ٤٥٠.
(٤) نفس المصدر ترجمة جابر بن زيد.
(٥) مجاورة أبي الجوزاء كانت بالمدينة أو بمكة لأنّ ابن عباس لم يقم في البصرة مثل تلك المدة.