مبلغ علمه قدر طاقته بعقله ، فإن حُمل على العقل فوق ما يحتمل استحال الحال من الصلاح إلى الفساد ، ومن ثمّ ورد : ( لا تضعوا الحكمة في غير أهلها فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم ).
وروى الديلمي عن ابن عباس مرفوعاً : ( يا بن عباس لا تحدّث قوماً حديثاً لا تحتمله عقولهم ) (١).
كما روى أيضاً عن ابن عباس مرفوعاً : ( لا تحدثوا أمتي من أحاديثي إلاّ ما تحتمله عقولهم فيكون فتنة عليهم ) (٢).
وعلى هذا كانت مناهج ابن عباس التربوية مع تلامذته ، لأنّه كانت مناهج تربيته قد تعلّمها من ابني عمّيه وهما خيرة البشر ، فما ظنّك بعدُ فيمن يتربّى على نبيّ ووصي؟ وماذا سيكون منهجه في التعليم ، وهو قد اقتبس العلم من مدينته ومن بابها؟
ومنهما أخذ الأدب في نشر العلم ، فهو لا يضعه عند غير أهله ، وكلمة الإمام عليه السلام نصب عينيه ، فقد قال أمير المؤمنين عليه السلام : ( ما أنت بمحدّث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلاّ كان فتنة لبعضهم ) (٣).
وقال عليه السلام : ( حدّث الناس بما يعرفون أتحبّون أن يكذَّب الله ورسوله ) (٤). وعلى هذا كانت سيرة علماء الصحابة.
وقد روى مسلم في أوّل صحيحه في باب النهي عن الحديث بكلّ
____________________
(١) كشف الخفاء ١ / ٢٢٦ط مؤسسة الرسالة بيروت سنة ١٤٠٥ هـ.
(٢) المصدر السابق.
(٣) تفسير ابن كثير ٤ / ٥٠١ دار الفكر بيروت.
(٤) نفس المصدر السابق.