إنّها مشكلة الأسماء وفوضى الألقاب ، وطغيان العاطفة ، وبالتالي قدسية الرؤى والمنامات ، كلّها لا تـتـرك مجالاً لكشف أمر لايخفى على المستبصرين ، ولا يغيب عن الشاذين إذا كانوا منصفين ، كما قال هو ، وليبق الغزالي في برجه العاجي حائزاً على لقب حجة الإسلام بزعم الحامدين ورغم الجاحدين ، وحساب الجميع في يوم الدين عند رب العالمين.
فتبيّن أنّ قول الغزالي في سماع ابن عباس أربعة أحاديث من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم غير صحيح بشهادته هو على نفسه! حيث أخرج ـ كما مرّـ أكثر من أربعين حديثاً عنه مرفوعاً في كتابه ( الإحياء ) مصرّحاً بالسماع فيها.
ولنعد إلى ابن عباس فنقرأ عنه في مصادر تعلمه الأولى ، إذ ماكان أفضل من مدينة العلم التي دخلها وهو بعد في سنّ الصبا ، وبدت عليه علامات النبوغ إذ اَذن فجره بالبزوغ ، فأجزله صلى الله عليه وآله وسلم بجزيل الحباء ، وسيأتي البحث في مروّياته ، وكشف الأصيل من الدخيل ليتميز ما صحّ عنه وما لم يصحّ ممّا وُضع عليه. وذلك عند البحث في الفصل الثاني من الباب الثالث ، إن شاء الله تعالى.
ولا عجب أن إمتاز ابن عباس رحمة الله بما وعاه ورآه فرواه ، لأنّه كان من النبوغ المبكّر على درجة عالية ، فمن فطنته أنّه كان يذكر دقائق الأمور ممّا